رجيع الأندية بين الإقناع والاقتناع

موفق النويصر

TT

يتداول الشارع الرياضي السعودي بين الحين والآخر، عبارة «رجيع الأندية» في إشارة إلى انتقال لاعبين «مخضرمين» من أنديتهم إلى أخرى، تحت غطاء الإعارة تارة، أو الاستغناء عنهم تارة أخرى، كما حصل مع عبده عطيف وسعد الحارثي ومالك معاذ وعدنان فلاته وخالد عزيز وإبراهيم هزازي وصالح الصقري وتيسير آل نتيف وغيرهم.

المفارقة أن عددا كبيرا من هؤلاء اللاعبين لم يتمكن من حصد ذات النجاح الذي حققه مع ناديه الأول، إما لتقدمه في السن، وبالتالي لم يستطع مجاراة اللاعبين الشباب الذين معه أو ضده، وإما لبقائه على ذات العادات والقناعات التي كان عليها في السابق، وكانت السبب في مغادرته لفريقه الأول.

شخصيا أؤمن بمبدأ انتقال اللاعبين من ناد إلى آخر تحت ستار «الاحتراف». وعندما يكون الخيار بين موهبة شابة وأخرى «مخضرمة»، فإنني أميل للأولى على حساب الثانية. ولكن عندما تستعين الأندية بلاعبين مخضرمين، فإنني أجد أن من الضروري، بل من الواجب، إعطاءهم الفرصة كاملة للعودة إلى سابق عهدهم، حتى يثبت لها خلاف ذلك.

وهذا ما يسجل لإدارات نادي النصر المتعاقبة، التي استعانت في سنواتها الأخيرة بالكثير من اللاعبين ممن يطلق عليهم «رجيع الأندية». والحق يقال إنها نجحت في إعادة اكتشاف بعض هذه الأسماء وأصبحوا من دعامات فريقها.

على النقيض من ذلك نجد أن إدارات نادي الهلال التي اعتمدت طوال تاريخها الرياضي على استقطاب الأسماء الشابة من الأندية المغمورة، ومن ثم منحها الفرصة تلو الأخرى حتى تصبح ركيزة أساسية للفريق والمنتخب، أقدمت في هذا الموسم على خطوة لا تناسب مقاسها، باستعانتها باللاعب الدولي سعد الحارثي، وهو الذي غادر فريقه السابق بعد وصوله وإدارة النادي إلى طريق مسدود حيال الرقم المالي الذي يوازي طموحاته، نتيجة تذبذب مستواه في المواسم الأخيرة.

الحارثي الذي دخل قبل أيام قليلة شهره الثالث مع ناديه الجديد، لم يركض على المستطيل الأخضر في جميع المباريات الرسمية التي لعبها بالقميص الهلالي لأكثر من 30 دقيقة، في وقت يحظى فيه اللاعب الكوري يو بيونغ سو بمساحة واسعة من المشاركة على حسابه وحساب زميله عيسى المحياني، رغم عدم إفادته للفريق في جميع المباريات التي شارك فيها.

وما ينطبق على الحارثي يمكن صبغه أيضا على مالك معاذ وعبد الرحمن القحطاني ومحمد الراشد وسلطان البرقان وسلمان حريري، وغيرهم ممن غيروا بوصلتهم من أنديتهم الأصلية إلى أخرى جماهيرية، فوقعوا في فخ الإقناع بمستوياتهم، والاقتناع بما يقدمونه على أرض الملعب مقارنة باللاعبين الآخرين.

الأكيد أن المعادلة تكون صعبة عندما ينتقل لاعب واعد من نادٍ إلى آخر، حيث إنه مطالب بجانب نظره إلى العرض المالي أن يأخذ بعين الاعتبار العوامل الأخرى التي ستساعده على النجاح. وبالتالي فإن القرار بالنسبة للاعب المخضرم يجب أن يكون أكثر صعوبة، كونه سينتقل محملا بتاريخ وإرث جماهيري شهد منه الكثير ويتوقع منه الأكثر، وهو ما قد لا يتحقق له لعوامل عدة، أهمها السن والانسجام والضغوط الجماهيرية، وهذا ما لم يدركه الكثير من المخضرمين ممن انتقلوا من أنديتهم الجماهيرية إلى أخرى أكثر جماهيرية، فكانت النتيجة أن خسرتهم الرياضة بشكل عام، رغم قدرتهم على العطاء لو أنهم أحسنوا الاختيار.. فهل يتعظ المخضرمون مستقبلا؟

[email protected]