فاز الاتحاد.. فضحكت الدنيا

محمود تراوري

TT

اليوم نهاية عطلة في ثقافات أخرى، عقب أسبوع ضاج بالمثير والمقلق والمفرح في آن.

«فاز الاتحاد فضحكت الدنيا» ردد الاتحاديون وهم في قمة النشوة، مؤكدين البعد العاطفي الشديد الذي يحكم انفعالات غالبية الرياضيين، وربما أظرفهم الاتحاديون، فمنهم من لا يتورع في الجهر عند الفوز والخسارة بـ«الاتحاد ليس فريقا تشجعه وحسب، الاتحاد أسلوب حياة». ومنهم من تضبطه متلبسا بسلام نفسي وهو يردد قبل المباراة: «التوفيق.. كل التوفيق لاتحادنا الكبير في لقائه الآسيوي». وحالف التوفيق الفريق و«طلع النحس من الجماهير مو من اللعيبة»، طبقا لتعبير أحدهم. ولعلك تلحظ هنا أن اعتزاز الاتحاديين بفريقهم يجيء غالبا في قوالب تحترم المنافسين، ولا تتعالى أو تتطاول بصورة تشير ربما إلى أزمة نفسية، وأحيانا تؤكد سوء خلق.

إذن فاز الاتحاد أخيرا، في أسبوع يستحق بامتياز أن يكون ممثلا لمعنى «كرة الثلج.. كرة النار» وهو تعبير عالمي مجازي مستوحى من الكرة الأرضية؛ فالبشرية تعيش منذ فجر التاريخ في واقع كرة أرضية لحظة تكون فيها ساخنة كالنار، ولحظة تهدأ باردة كالثلج.

أسبوع ناري سحر فيه الأرجنتيني الأشهب الكون، وقدم دروسا هائلة، خاصة في ما يتعلق بشق التوافق العصبي العضلي، الذي تكونه في اللاعب سياقات ثقافية - معرفية عريضة تشمل تنشئة وبيئة ومناخا وحرية وتغذية وعناية صحية، تفضي إلى أن يتحكم ميسي في الكرة في مساحة 50 سم مربع، مدهشا النظار، ومؤكدا أنك عندما تشاهد مباراة في أحد الدوريات العالمية تكاد تؤمن لبعض الوقت أن كرة القدم مانحة البهجة الوحيدة في عالم يزداد قبحا.

لكن الأسبوع الفائت، كما منح الاتحاديين ما جعل الدنيا تضحك، منح السعوديين بهجة معرفة أخرى عبر معرض الرياض الدولي للكتاب، الذي كان من أهم معروضاته – في تقديري - كتاب «الرياضة والإسلام» الذي أنفق في تأليفه الكاتب تركي الناصر السديري أكثر من عقد لإتمامه، باحثا وحافرا في مراجع جمة ليثري جانبا فقيرا في المكتبة العربية، السعودية خصوصا، وهو التأليف الرياضي الناهض على العلمية والنفس البحثي، إضافة إلى كتاب «المثقفون وكرة القدم» الذي يسرد فيه أشرف عبد الباقي مواقف وحكايات عدد من الكتاب على مستوى العالم مع كرة القدم، مستشهدا بأسماء كبيرة في عالم الرواية كنجيب محفوظ والفرنسي ألبير كامو، الذي مارس اللعبة حارسا للمرمى بمحل ولادته الجزائر، وكتب عن ذلك، والتركي أروهان باموق. كتاب يحاول ببساطة أن يحطم وهم وحاجز النخبوية بين كرة القدم ومتابعتها على المستوى الشعبي كإيقاع مهم يمثل مدخلا عميقا وخطيرا لقراءة سيكولوجية أي مجتمع.