الكرة الإيطالية تعاني من الإفلاس

أندريا مونتي

TT

نشر ماركو إياريا تحقيقا مهما في صحيفة «لاغازيتا» يساوي وزنه ذهبا. وتحدث عن الدوري الإيطالي وعن مدى قوته من الناحية المادية والاقتصادية. وأوضح هذا التحقيق أن العجز في ميزانيات أندية الدوري لموسم 2010 - 2011 وصل إلى 285 مليون يورو، بزيادة 100 مليون يورو تقريبا على موسم 2009 - 2010، بينما وصل حجم الديون على هذه الأندية إلى 1550 مليون يورو (نعم لم تخطئوا في قراءة الرقم، أكثر من مليار ونصف المليار يورو)، بزيادة 200 مليون يورو تقريبا على الموسم الذي سبقه، مقابل عائدات بلغت 1600 مليون يورو. ومن هذه الأرقام تظهر حقيقتان بسيطتان؛ الأولى هي أن كرة القدم الإيطالية تعاني من الإفلاس، والحقيقة الثانية هي أن كرة القدم تعيش في عالم آخر يختلف عن عالمنا نحن البشر. ويجب أن نعيد كرة القدم الإيطالية إلى عالمنا بأسرع وقت ممكن.

ثمة مقولة شائعة بأن كرة القدم هي مرآة المجتمع لأنها تحتوي على آلام المجتمع وإنجازاته، لكن الأمر يختلف بالنسبة للكرة الإيطالية التي تعيش في عالم مغاير تماما للواقع الإيطالي. ويدرك كل من يقرأ الصحف أننا نعيش منذ عام 2008 في أزمة مالية طاحنة أثرت كثيرا على المجتمع الإيطالي، وأن الجميع يسعون للتغلب على هذه الأزمة من خلال ترشيد النفقات، ورغم ذلك ما زالت الأزمة تهدد مصير البشر والدول والشركات. لكن رؤساء الأندية الإيطالية، التي تعتبر شركات من الناحية الاقتصادية، هم الوحيدون الذين لا يدركون ذلك ويستمرون في دفع مبالغ طائلة من أموالهم كل عام لضمان استمرار هذه الأندية وقدرتها على المضي قدما رغم الديون، والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو إلى متى سيستمر هذا الوضع؟

لقد كان ماركو إياريا متسامحا وكريما وهو يحصي ديون الدوري الإيطالي الداخلية الصافية ولم يحتسب ضمن هذه الديون ما تنص عليه العقود التي نطلق عليها التسمية الغريبة «الإعارة مع الاحتفاظ بالحق في الشراء»، وهي في الحقيقة تعتبر ديونا من الناحية المادية والقانونية، ولو أنه قام باحتساب الديون بشكل مختلف لاكتشف أن ديون الدوري الإيطالي تزيد على ملياري يورو، ولو أن الدوري الإيطالي كان دولة مستقلة لكانت العلاقة بين الديون وإجمالي الناتج القومي به تزيد على 120 في المائة. وقد تنازلت إيطاليا كدولة عن السياسة وسلمت قيادتها لماريو مونتي، رئيس الوزراء الحالي ورجل الاقتصاد البارع القادر على حل هذه الأزمة الاقتصادية.

لكن كرة القدم الإيطالية، ممثلة في الاتحاد الإيطالي لكرة القدم ورابطة أندية دوري الدرجة الأولى، لم تفعل الشيء نفسه، وما زالت تتحدث وتناقش عن الحكام وضربات الجزاء التي لم تحتسب وتهمل المشكلة المادية الأكثر خطرا، التي تهدد بنسف الكرة الإيطالية من أساسها، لقد حان وقت التغيير، ويمكننا أن نقول ذلك الآن دون أن نخشى أن يتهمنا البعض بمعاداة أشخاص بعينهم، بعد أن أصبح أهم المسؤولين عن الكرة الإيطالية على وشك ترك مواقعهم، فرئاسة بيريتا لرابطة الأندية أوشكت على الانتهاء ولمح أبيتي رئيس الاتحاد الإيطالي لكرة القدم عدة مرات إلى أنه لن يترشح مرة أخرى لهذا المنصب، ولا شك أن تلك الظروف تعتبر فرصة ذهبية لحقن الكرة الإيطالية بجرعة من الكفاءة الإدارية والشفافية أصبحت في أمَس الحاجة إليها.