دموع تليق بالإنتر.. ودموع رانييري هي الأجمل

لويجي جارلاندو

TT

بصورة مختلفة يبدو فريق الإنتر هذا، الذي خفف في عامين اكتنفتهما المرارات واستقالات المدربين غروب حقبة تاريخية، فالإنتر العظيم بقيادة هيلينيو هيريرا قام بما هو أكبر، حيث خسر في 25 مايو (أيار) 1967 نهائي كأس الأبطال أمام سيلتيك في لشبونة، وفي الأول من يونيو (حزيران)، تعثر في مانتوفا، بخطأ ساذج من الحارس سارتي، وأهدى درع الدوري إلى يوفنتوس في الجولة الأخيرة من الدوري الإيطالي.

في فترة وجيزة جدا تمكن الإنتر من استعادة مجده، وفي فترة وجيزة أيضا تخلى عنه. في ذلك اليوم، في مانتوفا، أقسم أحدهم أنه قد رأى الساحر «هيريرا» يبكي، لكن مدرب الإنتر حينها نفى وقال: «كرة القدم عشق، لكن لا بكاء أبدا. لقد تعلمت فلسفة العرب، وهي الصبر». لقد أكد فريق سيلتيك بصورة نهائية أن كتيبة هيلينيو هيريرا والتي تسيدت أوروبا والعالم مرتين، قد تقلص مجموعة من العائدين المنهكين، وحينها كان عنوان «لا غازيتا»: «خسر لحيوية الاسكوتلنديين المدمرة.. معارك عديدة».

وهي كلمات تتطابق كثيرا مع الإنتر الثاني هذا، كما كان جوك ستين مدرب سيلتيك حينها واضحا بالقدر ذاته، وقال: «كرة القدم حركة، أرأيتم أنه في العشر دقائق الأخيرة كان لاعبو وسطنا يتقدمون من أجل التسديد؟». مثلما كان يفعل كامبياسو منذ فترة.

إن دموع الكوتشو، مثلما يلقبون لاعب وسط الإنتر، التي ذرفها بعد تبديله أمام كاتانيا، يمكن أن تكون هي دموع الإنتر في لشبونة أو مانتوفا، حيث الإدراك الكامل لموسم لامع ينتهي، والاستسلام لقانون الزمن أكثر من قانون أحد الخصوم. بينما لم يبك الساحر، أبدا. إنه أرجنتيني هاجر إلى الدار البيضاء بالمغرب، وتعلم بصبر العرب، وبعدها بعام سافر إلى لشبونة، ثم انتقل هيريرا إلى نادي روما ليتم قيده كلاعب ناشئ ذي آمال جميلة.

في عام 1967، عام لشبونة القدري، كان مورينهو صبيا برتغاليا يبلغ من العمر أربعة أعوام، وقد تعين عليه هو حمل كأس الأبطال إلى نادي الإنتر مجددا، وتحت قيادة موراتي آخر، ماسيمو، نجل أنجيلو موراتي. ويعد البرتغالي قائدا ذا كاريزما. إنه الساحر الجديد. المقارنات بينهما كثيرة، لكن مورينهو بكى. بكى بوفرة في استاد بيرنابيو، بكى من الفرحة والتأثر والإرهاق وكل شيء. بعدها صعد إلى سيارة فلورنتينو بيريز ومنذ تلك اللحظة بدأ فريق الإنتر العظيم الثاني في التحطم. وقد جمع رانييري، وهو تلميذ سابق للساحر، الفتات، ومساء الجمعة، بعد الفوز على كييفو، بكى هو الآخر أيضا. إنها دموع مختلفة عن دموع مورينهو وكامبياسو، ومختلفة عن تلك التي سالت بغزارة من عيني رونالدو لاعب الإنتر السابق منذ 10 سنوات مضت على مقعد البدلاء في الاستاد الأولمبي بروما، في 5 مايو.

لم يبك مدرب الإنتر الحالي بسبب فوز أو خسارة، فلا دخل لرانييري في المجد أو الانهيار للإنتر العظيم. لقد استدعوه من أجل إصلاحه والوصول به إلى بر الأمان. في فيرونا، بعد أسابيع من التراجع، رأى رانييري علامات عمله وتأثرت مشاعره. مثلما قد يفعل كهربائي يرى المصباح يضيء أخيرا، أو النجار الذي بعد أيام من الكد نجح في إغلاق الدرج بسهولة. إنها عيون لامعة أكثر من كونها دموعا حقيقية. إنها السعادة التي يكتنفها الفخر لصانع لم يغز العالم أبدا، أمام منتجه. لم يقد عملا كبيرا في استاد بيرنابيو في نهائي دوري الأبطال، وإنما عمل بسيط في استاد بينتيغودي، لكنه تم بشكل جيد، وبعشق وكرامة. ولهذا فهي دموع جميلة.