«فساد الرياضة».. مالي وسلطوي

موفق النويصر

TT

أثار الحديث التلفزيوني للدكتور حافظ المدلج عضو رابطة دوري المحترفين السعودي، لقناة «الدوري والكأس» القطرية، الذي وصف فيه «بعض الصحافيين السعوديين بأنهم منتفعون وعلى هذا الأساس يهاجمون ويدافعون»، الكثير من ردود الفعل، خاصة من المنتمين للشأن الإعلامي الرياضي.

المدلج فسر تصريحه التلفزيوني بتصريح آخر لصحيفة «الجزيرة» السعودية قال فيه «من لم يعجبهم حديثي فهم أحد اثنين، إما أنهم يتعاملون مع الإعلام على أنه المدينة الفاضلة، وهذا غير صحيح.. والقسم الثاني على طريقة (كاد المريب أن يقول خذوني)، فهم ينطبق عليهم الكلام الذي ذكرته، لذلك غضبوا وهاجموني».

شخصيا لا أختلف كثيرا مع ما ذكره المدلج في أحاديثه الصحافية، بل وأضيف إليه أن الفئة الثانية التي ذكرها ليست قصرا على العاملين في الشأن الرياضي، بل هي ممتدة ومتجذرة في مختلف القطاعات، فأصبحنا نرى صحافيين اقتصاديين وسياسيين ومحليين ودينيين محسوبين على كيانات تجارية وحكومية محددة، تدافع عنها عند الضرورة، وتهاجم خصومها عندما يطلب منها ذلك، وهي تتحرك ضمن خطة عمل محددة سلفا.

يدلل على ذلك «مافيا» مكاتب العلاقات العامة، التي تملك وتدار من قبل صحافيين عاملين في الوسط الإعلامي، يتم التعاقد معهم بشكل شخصي بعيدا عن أعين إدارات تحرير الصحف، للقيام بمهمة نشر أخبار جهات معينة والدفاع عنها إذا اقتضى الأمر، عبر شبكة من الصحافيين العاملين في الصحف بمقابل مالي.

المفارقة أن الشأن الرياضي هو الذي يظهر على السطح أكثر من غيره، لاتساع قاعدة الناقل والمستقبل، فتعدد القنوات الفضائية المهتمة بالشأن الرياضي، ووجود الكثير ممن قفزوا على المشهد الرياضي، بسابق معرفة أو من دون، هو ما يجعل الحديث عن «فساد الرياضة» ظاهرا للعيان.

ولكن ما أخالف الدكتور المدلج فيه، هو أن ما ذكره عن الصحافيين المنتفعين ماديا، ينطبق أيضا على فئات أخرى عاملة في الشأن العام والخاص، ولكنها بدلا من سعيها وراء العائد المادي فقد سعت خلف السلطة، واتخذت من المنبر الإعلامي وسيلة لبلوغ هذا المكان، وقدمت في سبيل ذلك الشيء الكثير، والأكيد أن الحظ قد حالف مجموعة كبيرة منهم.

الغريب أن هؤلاء عندما يصلون إلى مراكز السلطة، يصبحون أكثر حساسية عندما يتعرضون للنقد، ويضيق صدرهم به سريعا، رغم أنهم قفزوا على المشهد العام من خلال استخدامهم أعمدة الصحف لجلد جهات وأفراد عملوا في الشأن العام.

الأكيد أن الحديث عندما يكون عن «فساد الرياضة» فلا يمكننا أن نقصره على المستفيدين ماليا، بل نضيف إليهم المستفيدين سلطويا، وبالتالي لا يستطيع أي كان أن يزايد على الآخر بأنه أفضل منه، فكلاهما سيئان.

[email protected]