الإعلاميون «إخوان الشياطين»

مساعد العصيمي

TT

حينما رأى محمد بديع، مرشد «الإخوان» في مصر، أن الشيطان الذي أوحى لسحرة فرعون هو من يوحي للإعلاميين المصريين أن «الإخوان» مدمرون مقبلون لمصر.. لم نتفاجأ من هذا الوصف ليس اتفاقا مع مضمونه بل اتساقا مع مفرداته.. حيث إن جعل الإعلاميين كإخوان للشياطين أو متأثرين بهم كلمات حاضرة التداول في العالم العربي.. ليس سياسيا أو آيديولوجيا فقط.. بل إنها المفردات الأكثر استخداما في الشأن الرياضي.. ويكفي أن نستذكر أمثلة في العالم العربي وعبر البلدين الأكبرين مصر والسعودية، في الأولى رُميت كل تبعيات أحداث بورسعيد الدامية على الإعلام كمحرض.. وتسابق لفعل ذلك الساسة ونقاد الرياضة وحتى المفكرين ورجال الدين.. وتجاوز الأمر إلى أن رئيس الاتحاد الدولي للصحافة الرياضية، الإيطالي جياني ميرلو، قالها وبالعبارة الصريحة، إن الإعلام المصري يتحمل جزءا من مسؤولية كارثة ملعب بورسعيد.. فأي وصف ينطبق عليهم بعد ذلك؟!

ليس ذلك فقط، فلسنا بعيدين عن الأحداث بين مصر والجزائر عقب مباراة التأهل لمونديال 2010، وكيف أن الإعلام في كليهما بات حجر عثرة للتلاقي والوئام، وزاد الشحن والويلات حتى بات شعبان متحابان كل منهما أشد امتعاضا ورفضا للآخر..

تلك حكايات مصرية.. لكن ماذا يحدث في السعودية.. وإن كان ولله الحمد لم يبلغ حد الدماء.. لكنه في وصفه الأمثل «من قبل كثيرين» سبيل لبث البغضاء والفرقة.. حتى بات التصارع الفكري والمعلوماتي بين الجماهير عنوانا لرفض الآخر وازدرائه، والسبب أن هناك بعض إعلام منفلت من عقاله قد دفع ذلك.. وإذا ما تسنى لنا الاطلاع على القنوات التلفزيونية المعنية ببرامج الكرة السعودية.. فليس بمقدور أي مطلع حصيف موضوعي إلا أن يشير إلى أن كثيرا منها يعيث فسادا في الفكر الرياضي.. بل يدعو إلى الفرقة والاختلاف حتى بات النادي الآخر ليس منافسا، بل عدوا يتمنى «تدميره».. تقارير كثيرة تؤكد أن أزمة إعلامية رياضية تشهدها السعودية قذفت بكثير منها بالمصداقية، وأوجدت كثيرا من التافهين الذين أعيوا الرأي العام ممن ساهموا في صنع أزمة جديدة غير أزمة النتائج والتراجع التي تعصف بالرياضة السعودية، ولعل الدكتور حافظ المدلج قد علق ناقوس الخطر حينما أشار إلى تصرفات لبعض الإعلاميين، لتتكشف بعدها فضائح مالية وهبات بعد أن تعالت الأصوات المتناحرة كل منها يفضح الآخر؟!

مشكلة الإعلام الرياضي السعودي كما المصري تكمن في حالات الانفلات والتدليس التي أراد بعض الإعلام أن تكون عونا له على بعض انتشار في ظل العدد الكبير جدا من المتنافسين على كعكة الكرة السعودية ومثيلتها في مصر.. ولم يكن هناك سبيل إلى أن تكون عقلانيا مقنعا حصيفا.. ولكن ما الحل إذا كان هناك من استطاع بكل جدارة أن يفعل ذلك وينال الجزء الأكبر من الكعكة؟ وعليه فإذا لم أستطع أن أنافسه بالحصافة، فلا بأس، فدور المهرج التافه المتوتر المحرض يستقطب جمهورا يحب الضحك والإثارة.. لذا كان هناك من استطاع أن ينال جزءا من الكعكة عبر هذا الدور.. فهل هم ممن أوحى لهم الشيطان؟!

[email protected]