«أهلاوية».. وإن باعدتها السنين!

هيا الغامدي

TT

أجمل ما في الأحداث خواتيمها، وإن كان البعض ينتهي نهاية مأساوية، إلا أن قدر الآخر العيش بأروع حالاته.. هكذا هي مساءات الكرة حرجة مع أقدارها، وهكذا هي صياغة الكبار لمقاديرهم، وهكذا هو الدوري ممتع ومثير لآخر رمق، وكيف لا يكون وهو يعيد الوهج.. الصورة والكاميرا.. الاهتمام والتركيز على حالتين كرويتين كان يبدو أنهما ضلتا الطريق للنهاية بعد أن سيطرت استراتيجية أوتوجينيك الهلال والاتحاد على المقدمة والصدارة سنوات مؤخرا؟!

تخيلوا أن من أزاح هذين الكبيرين هما الشباب والأهلي، أي القوة والأصالة.. الحاضر القريب والتاريخ البعيد، الشباب «الفتي» والأهلي «المتعطش» الوله، والأجمل أن المنافسة هذا الموسم تجمع الأقربين «نقاطا» و«تهديفا» وأفضلية، «المتناقضين» بأمور شتى، فلكلاهما خطان مختلفان يجمعهما تخطيط نمطي استراتيجي تصاعدي واعد أعد لهذه اللحظة الأخيرة الإعداد الأمثل من جميع النواحي الفنية والإدارية والذهنية والنفسية والعناصرية!

برودوم الشباب، وجاروليم الأهلي عملا لنهاية استحقاها منذ البداية، لذا فهما جديران بأجمل الخيارات، فالبلجيكي انتشل فريقه من «توهان» استمر سبع سنين، والتشيكي أعاد فريقه لخارطة الطريق بعد أن انفصل عنها نهائيا بمقدار جيل بأكمله، ثلاثة عقود إلا سنة!

كمرونة وحسم وأفضلية أعتقد أنها قريبة للشباب، أما كطموح واحتياج وأحقية فستكون أبهى لو حسمها الأهلي! فنيا الفريقان متكافئان كأقوى دفاع وهجوم، يكفي المنافسة على لقب الهداف بين فيكتور والشمراني، نفسيا متقاربة، فسلاح الشباب فرصتاه الفوز والتعادل، وسلاح الأهلي أرض وجمهور وعطش سنين بالطبع لا تشبه ولا توازي سنين الشباب السبع العجاف! الشباب ثقته تكمن في صمته وعمله الداخلي وقلة جماهيريته بالمقارنة بالأهلي.. ميزة بمقابل الضغوطات النفسية على الراقي جماهيريا لتحقيق بطولة الدوري!

الترشيحات «رغم» تميز موقع الشباب وقوته ذهبت منذ وقت مبكر للأهلي.. لماذا؟! هل لأن جميع النقاد والمحللين «أهلاويون».. «لا»! فاللقب هذا العام أعطى لاستراتيجية توزيع البطولات «الفرصة» بعد هيمنة الزعيم والعميد على الدوري وحسمه مبكرا، فمن مصلحة الكرة السعودية أن تصل مقادير الخطورة إلى هذه الخيارات العديدة والمتنوعة. والتساؤل: هل حقق الأبيض والأخضر ذلك في ظل تواضع البقية؟!.. «ربما»، ولكن الأصح أن القادمين من بعيد عملا واستحقا هذه النهاية القريبة من موقع التتويج والحسم!

«الحرب النفسية» التي يظن الأهلاويون أن الغالبية تتجه إليها بتتويج مبكر وترشيح خادع.. باعتقادي أنها من أكبر المزالق الظنية التي عصفت ببصيرة قلعة الكؤوس سنوات مضت، الأهلاويون يجب أن يثقوا بأنفسهم وقبلها حسن الظن بتوفيق الله قبل كل شيء لأنه سبحانه عند ظن عبده. يقول آينشتاين إن الخيال أو الحلم يأتي قبل العلم والمنطق فلم التشاؤم؟! أعتقد أن الحاسم في المسألة «ثقافة الفوز» والتعاطي مع المباريات بثقة ورزانة وتخطيط عقلاني للأهداف، لكي لا تتبخر حفنة الصبر الممتدة 29 عاما وتتحول إلى سراب بقيعة ذلك الذي يحسبه الظمآن ماء!

شخصيا، لا أتعاطى بإيجابية مع مسألة تعدد الفرص أو توحدها، فأحيانا يحدث العكس فيضيق الخناق على أبو الفرصة الأوحد وأحيانا تضيع الحسابات أبو الفرصتين، أعتقد أنها مسألة قراءة.. ثقافة وحرب مستمرة مع جميع تفاصيل زمن المباراة وتعاط مع الأحداث بإيجابية وتركيز وصولا للهدف! كأمنيات ما زلت أراها «أهلاوية».. وإن باعدتها السنين!