الإدارة والإنجاز.. من يصنع الآخر؟!

مساعد العصيمي

TT

جمعتني المصادفة بأكاديمي ومسؤول جامعي سعودي كبير.. كنت في مكتب هذا الرجل.. وفي طبعنا من ننتمي للرياضة.. نعتقد أن أصحاب المسؤوليات الأكاديمية المعنيين بالبحوث والعلوم الدقيقة، ليسوا على وفاق مع الترفيه أو كل ما يقترب منه حتى لو كان تنافسا رياضيا عالي القيمة.. لكن حين أفاض الرجل في الحديث عن واقع الرياضة السعودية واحتياجاتها.. بل منطقية التعامل مع النجوم.. وآلية الإدارة الكروية وما تحتاجه.. طفقت أتساءل: لماذا هؤلاء مغيبون عن إدارة الرياضة؟ بل أين هم من المساهمة في تطويرها؟ هل الخلل في اختياراتنا أم أن الرياضة السعودية بيئة طاردة لا تلوي إلا على الأصدقاء والأقرب فالأقرب.. ولا شيء تحتاجه بعد ذلك؟

هي ليست قضية الأكاديمي الكبير وحسن قراءته لواقعنا المتردي.. ذلك الواقع الذي احتاج إلى عقول نيرة تعينه وتساعده.. لا تلك التي ما زالت تنهك التوجه وتنادي بالفردية القرارية.. أقول ليست قضية الأكاديمي.. بل قضيتنا جميعا حينما حصرنا الأمر على إداريين أصحاب عناوين مختلفة.. فإما منتمون متعصبون لفرق أو متكسبون باحثون عن أضواء يقاتلون ويناضلون للبقاء تحتها حتى لو تغير المنطق واختلفت المصداقية.

بلادنا تزخر بكثير من العقول ذات الإدراك البعيد.. لكن تظل المشكلة «تحديدا الشأنين الشبابي والرياضي» بالرجل المناسب في المكان المناسب.. انظروا ماذا فعل هذا الأمر في لجنتنا الأولمبية في الاتحادات حينما ركنت على اختيارات في معظمها صداقاتية.. وحتى أماناتها العامة لم تخرج عن الإطار نفسه بل زادت أنها حضرت من موقع العمل الرسمي الذي جدير بأن يُحاسب.. لا أن يشارك في القرارات.. والنتيجة: تراجع مخل.. جعلنا في مواقع ترتيبيه يطالنا الخجل أن نذكرها.

الإدارة هي العنوان الأول لنجاح أي عمل وإذا اختلت موازينها طال الاختلال كل جوانب العمل.. لماذا تنجح اتحادات وتخفق أخرى؟ ابحث عن الإدارة أيضا.. فيما يخص الفرق ابحث عن الإدارة.. إذن هذا هو الشأن الذي أعيانا وزاد من وجع رياضتنا.. الرجل المناسب في المكان المناسب.

بصراحة شبح البيروقراطية يتعاظم في المؤسسة الرياضية حتى باتت تفتقد للقدرات القادرة على قيادتها لأجل إخراجها من مأزقها، وكأن الأمر من فرط تراجع وضعف إداري تحول إلى مرض إداري لا تنفع معه الحلول الدوائية المسكنة التي قد تزيد الألم وتطيل أمده.. وبما يجعل الإخفاقات مستمرة إن لم تبتعد أكثر.

جدير أن ندرك أهمية العنصر الإداري المتفوق، نحتاج فقط دراسة كيف تتخاطف الشركات والمؤسسات الكبرى العقول الإدارية الناجحة وكم من شركة قاربت على الإفلاس جيء لها بمدير كفء فتحول احتمال إفلاسها إلى تحقيق أرباح لم تكن متخيلة، الاتحادات الرياضية واللجنة الأولمبية هما في إطار الإفلاس ونحتاج إلى تلك العقليات.. واللقاء مع الأكاديمي الكبير أثبت لي أننا نملك العقول.. لكن لا نحسن التعامل معها.

في الختام.. يقول الياباني ياساتوشي ياشوميرا في كتابه «فن التفكير الإبداعي»: «إن الفشل في استغلال الإبداع الكامن لدى الإنسان بسبب جهله بوجود هذه القدرة أو عدم المبالاة أو بسبب التعنت المقصود، ليس هدرا بقدر ما هو خيانة للنفس».

[email protected]