ما مدى حقنا في نشر صور موروسيني بهذه الابتسامة؟

لويجي جارلاندو

TT

وقف لاعبو برشلونة دقيقة حدادا على روح موروسيني في سانتياغو برنابيو، قلعة كرة القدم في العالم في الوقت الحالي، كما تم عرض صورة كبيرة للاعب ليفورنو الراحل وهو يبتسم على شاشة استاد تورونتو في كندا. ونعى لاعبو الكرة المشاهير والرياضيون والشخصيات العامة اللاعب الشاب على شبكة الإنترنت.

وتعتبر تلك المشاركة العالمية في تلك المأساة سببا لإثارة المزيد من المشاعر والانفعالات، ولا شك أن ذلك يشعرنا ببعض الارتياح، مثلما يحدث عندما نجد الكثير من الأشخاص في جنازة شخص نحبه. لكن السؤال الذي يطرح نفسه تلقائيا هو: لماذا جاءت هذه المشاركة العالمية الكبيرة والتعاطف الذي يفوق شهرة اللاعب الراحل؟ لقد كان أنطونيو بورتا، مدافع أشبيلية السابق، أكثر شهرة وأصغر سنا أيضا من موروسيني عندما توفي في 28 أغسطس (آب) 2007. وقد توقف الميلان حدادا على وفاته في كأس السوبر الأوروبي الذي لعبه أمام الفريق الإسباني، لكن مأساة رحيل بورتا لم تثر هذا القدر نفسه من التعاطف؛ فقد قام بورتا، بعد شعوره بالألم في البداية، وغادر الملعب على قدميه ثم عاد ليشعر بالتوعك من جديد. وتوفي بعد ذلك بعيدا عن العيون، بينما توفي موروسيني في الملعب. وكانت هذه الصور هي التي حصدت تعاطف العالم. وأسهم نشر صورة موروسيني وهو يسقط بشكل واسع في التلفاز وعلى شبكة الإنترنت في جعل وفاته حدثا كبيرا يجتذب اهتمام الجميع وتعاطفهم. إن المرء قد يصارع وينهض، لكننا جميعا سنسقط في النهاية. وتشارك الجميع في رؤية مصيره والمقاومة التي واجه بها خطواته الأخيرة. ولعل الكاتب الأميركي هيمنغواي كان سيقول عنه ما كتبه عن الصياد سانتياغو بطل روايته الشهيرة «العجوز والبحر»: «يمكن أن يُقتل الإنسان، لكنه لا يهزم». وقد توفي ماركو سيمونشيللي وهو متعلق بدراجته النارية، وفي تلك الحالة أيضا أثارت الصور الفظيعة الكثير من ردود الفعل العاطفية والمشاركة غير المتوقعة. وكان سيمونشيللي هو الآخر يمثل مصيرا محتوما؛ إذ انقض عليه الموت من حلقه، وهو المدخل الوحيد في تلك الحالة. والغريب أن سيمونشيللي كان دائم الابتسام مثلما كان موروسيني.

لكن السؤال السخيف الذي يبرز بعد هدوء مشاعر الصدمة هو: إلى متى سيكون من اللائق أن نقحم أنفسنا في مأساة شخصية؟ وما مدى حقنا في نشر صور موروسيني بهذه الابتسامة التي جابت العالم في ساعات قليلة وكأنها منتج جديد واسع الانتشار أو شعار جدير بالنشر؟ ولعل من كان يتعامل مع موروسيني بشكل يومي لسنوات طويلة، مثل خطيبته وأصدقائه وأقاربه، قد شعروا بشيء من عدم الارتياح وهم يرون صورته تجوب العالم حتى تصل إلى كندا. لقد فتشنا في صفحات موروسيني على شبكة الإنترنت وكأننا نفتش في صندوق شخصي في منزلنا من أجل اكتشاف آخر ما كتب من كلمات وصور آخر إجازة قام بها على شاطئ البحر وآخر ابتسامة ابتسمها. وأطلقنا كل هذه الأشياء في العالم أجمع عبر شبكة الإنترنت.

ولو أن والدي موروسيني كانا حيين، ربما طالبا الآن ببعض الصمت حتى يعيشا محنتهما. ولعل هذا هو ما يحتاجه باقي أفراد عائلة موروسيني حاليا: بعض الخصوصية والاحترام لحزنهم؛ فالمنزل ليس هو العالم.