عودة العمالقة

محمود تراوري

TT

بعد غياب ثمانية أعوام، يعود أحد لاعتلاء عرش كرة السلة السعودية. الفريق الذي ظل على مدى الثلاثة عقود الأخيرة سيد السلة الأوحد منذ زمن العمالقة الذين حددوا وكتبوا الأسطر الأولى في كتاب الأمجاد، أسعد ومعاذ أبو جبل، أحمد الأبو، أسعد زاهد، عبد العزيز شرقي عبد الرحيم لال، وعبد العزيز المولد ومحمد السالك، أولئك الخالدون في ذاكرة السلة السعودية، الذين شكل الأسطوري محسن خلف امتدادا جميلا لهم. عودة بطولة الدوري من جديد لأحد لا بد أن تفتح ملف هذه اللعبة، بل ملف الرياضة برمتها في المدينة المنورة، المدينة التي ظلت تاريخيا تغذي الأندية السعودية بالمواهب في الألعاب كافة، ربما من قبل أيام (النكش، ومهنا سبيل، وفيصل عبد المعين، وفؤاد عبد الشكور، وصولا للفودة وحسن عبد العزيز وصمدو، وعبد الحليم عمر، وسمير عبد الشكور، وبندر جار الله، وحمزة صالح وموسى مرزوق، وحمزة إدريس) هذا في كرة القدم فقط، وهؤلاء مجرد عينة لقاطرة مواهب ظلت تنطلق مغادرة المدينة المنورة باستمرار، تحت سطوة المال، ليبقى نادياها (أحد، والأنصار) يرتعان في الظل، يعانيان الفقر والفاقة والعوز، ولعل أنصار الناديين يغمرهما حزن واسع وهم يتابعون سقوط فريق كرة القدم بنادي الأنصار في دوري المحترفين السعودي هذا الموسم، وتسجيله أضعف النتائج لفريق لعب ضمن أندية الممتاز طيلة تاريخه، وبالمقابل، يصارع فريق كرة القدم بنادي أحد على البقاء والاستمرار ضمن دوري الدرجة الأولى حيث هو ملقى في القاع بعيدا عما يليق به من عراقة وتاريخ، وبما يليق بمدينة لا تعدم الكوادر والمواهب والكفاءات، وما إنجاز فريق السلة بالأمس، وتاريخه المرصع بالبطولات الذي يعرفه القاصي والداني، إلا دلالة على إمكانية أن يتكرر النجاح نفسه في ألعاب أخرى. فالعنصر البشري متوفر والمادة أيضا متوفرة، والمبررات التي كانت تردد في حقبة معينة كعدم وجود الجامعات والفرص الوظيفية، وغياب مشاريع تنموية، ما يدفع أبناء المدينة للرحيل بحثا عن المستقبل، وبالتالي الانضمام لأندية أخرى، أظن أنها انتهت أو على الأقل تقلصت الآن، حتى وإن كنا في زمن الاحتراف، وفي هذا السياق عاشت المدينة ظاهرة قد تبدو غريبة، وهي التحاق عدد من اللاعبين بنادييها، وهم في الرمق الآفل من نجوميتهم، وربما تجربة الدولي الاتحادي محمد الخليوي مع أحد خير مثال.

قلتها هنا سابقا تاريخيا تأسس أحد عام 1937م، والأنصار عام 1955م، أي أنهما عريقان عراقة الرياضة في المدينة منذ مرحلة وجود أكثر من ناديين قبل فترة الدمج. حضور قوي ومؤثر للأنصار وأحد رافد مهم لحيوية الرياضة السعودية.