نقد يتحول إلى وصاية

مسلي آل معمر

TT

سمعت أحدهم يقول: ينبغي أن يكون الناقد رقيبا يطل على الآخرين من مكان مرتفع يراهم من خلاله ويرى حركاتهم وسكناتهم، الناقد المميز غالبا ما يكون منعزلا ولا تربطه صلات بالكثيرين، خصوصا ممن يتواجدون في ساحته، لا يمكن أن تكون ناقدا لافتا وأنت صديق الجميع. الصداقات والعلاقات قد تؤثر على استقلالية رأي الناقد بطريقة أو بأخرى.

أعلم أن ما كتب أعلاه كلام مثالي من الصعب تطبيقه في مجتمع مثل مجتمعنا، لكن هذا لا يعني أن نتجاهل هذه الرؤية متى أردنا أن نحاول فهم النقد بمعناه الحقيقي، وأنا هنا لا أجزم بالصحة المطلقة للرؤية السابقة، لكنني أتفق مع قائلها إلى حد كبير.

في اعتقادي الشخصي أنه متى دخلت العاطفة في أي عمل فإن مصيره الفشل، والنقد أحد هذه الأعمال، بل هو يعاني من حساسية شديدة تجاه أي شحنات عاطفية، فعندما تتحرك المشاعر غالبا ما تتغلب على العقل، فيظهر الحكم بعيدا كل البعد عن الموضوعية.

أتذكر أن زميلا لنا كان يتحدث لرئيس ناد سابق، بخصوص من سيمثل الصحيفة مع النادي الذي سيشارك خارجيا، وبعد أن أبلغه الزميل باسم الصحافي الموفد والذي بالتأكيد يميل لنفس الفريق قال الرئيس: «إلا هذا.. بيزعجنا يبي يحط التشكيلة..» في إشارة إلى حماسه الشديد للفريق.

العاطفة في الصحافة الرياضية قد تقود الصحافي إلى أن يحاول فرض الوصاية أو إملاء القرارات ربما دون أن يشعر، ومتى لم يجد التجاوب في فرض الوصاية تتحول القضية إلى تصفية حسابات تهدف إلى (تركيع) صاحب القرار للاستسلام لما يمليه عليه من قرارات.

في الوسط الرياضي السعودي لا تزال الأدوار متداخلة، فنجد الصحافي يقوم بدور محامي النادي، أو مدير المركز الإعلامي، أو صانع القرار، وهذا يعود لضعف الإدارات في الأندية، كما يجد الصحافي اللوم إذا لم يتقن هذه الأدوار، بل يتهم من قبل مناصري النادي بالضعف أو الجحود أو الارتماء في أحضان المنافسين، وهنا لا تزال الأطراف المشاركة في هذا الشأن غير مستوعبة لأهمية استقلال الإدارة ومسؤوليتها الكاملة عن قراراتها، واستقلالية الصحافي بعمله وآرائه.

أدرك أنني أكتب عن مثاليات لا وجود لها، ولا أبرئ نفسي من العواطف، وكل ما سبق، لكن هذا لا يعني أن نغيب قضية مهمة مثل هذه عن النقاش، فإذا كنا لا نسير في الطريق الصحيح لماذا لا نحاول أن نعدل المسار؟ لماذا لا نحاول إصلاح أنفسنا؟ أعدكم أنني سأحاول..!