«بابا تليفون»!

طلال الحمود

TT

خلال الأسبوع المقبل ينطلق في الدمام معسكر المنتخب السعودي للبراعم، بعدما أقيم سابقا في الرياض، وسط اهتمام ربما يفوق ما ناله منتخب الشباب، على اعتبار أن الفكرة جديدة ولا تخلو من الطرافة، خاصة مع توافد عشرات الأطفال الذين تقل أعمارهم عن عشر سنوات إلى معسكر رسمي بحضور مراسلي الصحف والقنوات الفضائية، ووسط اهتمام شعبي لافت.. صاحب الفكرة ربما صدّر أزمة خلال الأسابيع الماضية للمسؤولين عن معسكر ملعب الأمير فيصل بن فهد دون أن يقصد؛ لأن التجهيزات المتوفرة لم تضع في الاعتبار أن هناك سربا من «طيور الجنة» سيأتي يوما ليقيم في مكان مخصص لعتاولة كرة القدم، ما يعني أن المعسكر بحاجة لتغيير كثير من مرافقه، بدءا من المطعم وطريقة تقديم الطعام وحجم الصحون وارتفاع الطاولات، ومرورا بحجم الأسرة في غرف النوم وتجهيزات دورات المياه، وانتهاء بالرعاية الليلية، وهذه بحد ذاتها «فيلم» ثان يتطلب وجود مختصين للتعامل مع حالات الكسل التي تمنع بعض الصغار من الذهاب إلى دورة المياه أثناء النوم، وبالتالي اختيار الحل الأسهل، فضلا عن «الكوابيس» التي تداهم بعضهم بسبب التفكير بمصير «سبونج بوب» والخطر الدائم على حياة «جيري» من المشاكس «توم»، ما يتطلب من المشرف البقاء على يقظة دائمة تأهبا للتعامل مع صيحات نجوم المستديرة.. أيضا متعهد التغذية سيواجه تحديا جديدا؛ إذ إنه سيستبدل «كراتين» الـ«كورن فليكس» بأطباق «المحمر والمشمر»، وكذلك مدير المعسكر الذي سيتلقى اتصالات ليلية من مشرفي المعسكر مفادها «ما عندنا نيدو»!!

مهمة المشرفين على المعسكر لا تبدو سهلة للوهلة الأولى، بيد أن الأمور باعتقادي أسهل من نظيرتها في المنتخب الأول، فعندما يتمرد طفل في منتخب البراعم ويعرض عن التدريبات بسبب شارة «الكابتنية» سيكون من السهل شراء سكوته مقابل بيضة «كيندر»، وعندما يغادر طفل ثان المعسكر ويغلق جواله رافضا العودة سيكون من السهل إقناعه بالعدول عن قراره، ويكفي إرسال عبارة «ماكدونالدز» إلى جواله لضمان عودته إلى المعسكر «زحفا»، أيضا عندما يتمارض طفل للتهرب من الالتحاق بمعسكر المنتخب يكفي تسريب معلومة عن طريق أحد الصحافيين بأن قناة «كراميش» أصبحت «تطلع» في المعسكر!!

وفي حال استحداث بطولة كأس العالم للبراعم مستقبلا، سيكون الجميع مطالبين بتهيئة تجهيزاتهم للتعامل مع الحدث والمنتخب الجديد، فرابطة المشجعين يجب أن تغير أهازيجها لتحميس اللاعبين بطريقة تصل إلى قلوبهم وترديد هتافات على نحو «بابا تليفون» و«بابا نزل معاشه»، أيضا المسؤولون يجب عليهم تغيير بعض سلوكياتهم لتتناسب مع فريق الأطفال، إذ إن نزول مجموعة من الرجال أصحاب البشوت إلى الملعب عقب المباراة سيؤدي بالضرورة إلى هروب الأطفال في كل اتجاه خوفا وهلعا، وأقترح لحل هذه المشكلة في حال أصر المسؤولون على النزول أن يرتدوا بدلا من «البشوت» ملابس «بينك بانثر» و«بارني»، مع ضرورة الصبر على ضحكات وتهكم النجوم الصغيرة!! نتمنى لصغار الأخضر التوفيق ولأصحاب الفكرة مواصلة العمل بطريقة مثمرة، ويبقى الهدف الأهم من هذه الخطوة زرع الثقة في نفوس هؤلاء الأشبال نحو مستقبل أفضل للعبة في بلادنا.