المصائب لا تأتي فرادى؟

مصطفى الآغا

TT

يجب أن نعترف بأن ذاكرة البشر قصيرة، خاصة إذا كانت تتعلق بكرة القدم، فما يبنيه مدرب أو نجم في عشرين سنة قد ينتهي في مباراة أو اثنتين، ومن يصفقون اليوم مديحا قد يصفرون غدا استهجانا وهجاء.

في أقل من أسبوع سقطت أسطورة برشلونة ومدربه الفذ والعملاق غوارديولا، وحتى كادت أن تسقط أسطورة الأرجنتيني ميسي.

وبنفس الأسبوع سقطت أسطورة مورينهو ومعه كريستيانو رونالدو وكاكا، على الرغم من أنهم كانوا أبطالا قبل بضعة أيام فقط بعد الفوز على برشلونة في الدوري في النوكامب.

كل الكبار يغلطون ويضيعون، وأتذكر باجيو وزيكو وبلاتيني وآسامواه جيان، ومئات غيرهم أضاعوا ضربات جزاء في مباريات حاسمة كان يمكن لها أن تغير تاريخ كرة القدم.. ولكن هناك فارق بين أن يخطئ المدرب أو النجم، وأن يتحول بين عشية وضحاها إلى «بني آدم» لا يفقه في كرة القدم، كما علق البعض على خطط غوارديولا ومورينهو، وعلى إضاعة ميسي وكاكا ورونالدو ثلاث ركلات جزاء كان يمكن أن توصل الريال والبرشا لنهائي دوري أبطال أوروبا، ليصبح النهائي الحلم بكل المقاييس، ولكن كرة القدم لا تعترف إلا بما يحدث على أرض الملعب، وليس ما هو واجب أو مفترض.

الكلام نفسه قاله الكثيرون في مرحلة من المراحل على السير آليكس فيرغسون بعد عام 2003 يوم ابتعد مانشستر عن بطولة الدوري ثلاثة مواسم متتالية، وطالبه الكثيرون بالاستقالة، وهو ما قاله لي حرفيا يوم التقيت به في أكاديمية النادي، وهو فكر فعلا بالاستقالة، ولكنه تذكر إصابة والده بالجلطة عقب تقاعده فعاد عن قراره وبقي في اليونايتد، وحقق بعدها بطولة الدوري ثلاثة مواسم متتالية، وتوقف موسما ثم أحرز اللقب من جديد، وهو الآن حامل اللقب والمتصدر، على الرغم من خسارته مرتين نهائي دوري أبطال أوروبا أمام غوارديولا بالذات، ويومها سمعنا الأسطوانة المشروخة نفسها بأنه الرجل «خرف» ويجب أن يعتزل.

بالمناسبة الكلام نفسه قيل عن الفرنسي آرسين فينغر بعد السقوط العظيم أمام مان يونايتد بالثمانية، ولكنه صمد، وها هو الآن ثالثا، ويكاد يضمن مقعدا مباشرا في دوري الأبطال، ويبدو أن غوارديولا عرف أن الوصول للقمة سهل والحفاظ عليها أشق من الوصول إليها، فبعد 4 سنوات حقق فيها 16 لقبا، منها مرتان لقب كأس العالم للأندية، ودوري أبطال أوروبا، وكأس السوبر الأوروبية، و3 مرات بطل الدوري، وكأس السوبر الإسبانية، وعلى الرغم من أنه من مواليد 1971، فإنه قال إن بطاريته تحتاج للشحن ولن يستطيع أن يقدم المزيد أو الجديد لبرشلونة... وبرأيي المتواضع فإن غوارديولا كان في قمة الذكاء عندما استقال، وهو يعرف طبعا أن ثلاثة أرباع أندية ومنتخبات الكرة الأرضية تتمناه، وأنا متأكد أنه يتفق مع رأي شاعرنا أبو البقاء الرندي الذي قال:

لـكل شيء إذا ما تم نقصانُ

فلا يغر بـطيب العيش إنسانُ

هي الأمور كما شاهدتها دُوَل

من سره زمن ساءته أزمانُ

ويبقى السؤال: على مين الدور بعد غوارديولا؟