مانشيني وهاسيك

طلال الحمود

TT

بعد فوز مانشستر سيتي التاريخي على جاره المزعج مانشستر يونايتد 6 - 1 في الدور الأول من بطولة الدوري الإنجليزي لكرة القدم أصبح المدرب الإيطالي روبرتو مانشيني أعظم مدرب في العالم بنظر أنصار الـ«سيتيزن» ونال من التمجيد في وسائل الإعلام المختلفة ما لم ينله مدرب في إنجلترا منذ سنوات، قبل أن تنقلب الآية بعد تعثر المان سيتي بسلسلة من التعادلات ثم الخسارة أمام سوانزي واتساع الفارق بين الجارين إلى التهكم والتشكيك في قدرات المدرب الإيطالي، حتى بات الجميع يتوقع إقالة مانشيني في أقرب وقت على اعتبار أنه أصبح أسوأ مدرب في العالم!.

بالأمس عاد مانشيني ليصبح أعظم مدرب في العالم بعدما قهر «الشياطين الحمر» وانتزع منهم صدارة البطولة الإنجليزية ليردها إلى معسكر الـ«سيتيزن» مجددا وليفرض على العالم متابعة مباريات الجولتين الأخيرتين في أقوى منافسة محلية خلال الموسم الحالي.. ما حدث لمانشيني لا يختلف كثيرا عن ما يحدث حاليا للتشيكي إيفان هاسيك مدرب الهلال السعودي الذي انتزع إعجاب أنصار الفريق الأزرق بعدما حقق نتائج لافتة من بينها كسر شوكة المنافس التقليدي الاتحاد مرتين خلال أسبوع واحد، حتى إن رئيس النادي والمشرف على الفريق رشحا فريقهما للفوز بكأس دوري أبطال آسيا اعتمادا على قدرات هاسيك الخارقة، بعدها بأيام تعثر الهلال محليا وآسيويا بسلسلة من التعادلات وانقلب الإعجاب بقدرات المدرب إلى تشكيك ومطالبات من أنصار الهلال بالاستغناء عن المدرب والتعاقد مجددا مع الروماني أولاريو كوزمين أو البلجيكي إيريك غيريتس!.. قبل أن يعود هاسيك نفسه ليصبح المدرب الذي يراهن الهلاليون على قدراته لتحقيق أمنية الفوز بالبطولة القارية بعدما قاد فريقهم إلى تمريغ أنف بيروزي الإيراني أمام نحو 80 ألف متفرج احتشدوا في ستاد أزادي في طهران، ما يعني أن هاسيك سيعيش شهر عسل مع الإدارة الهلالية حتى يتعثر الفريق مجددا!

ما بين مانشيني وهاسيك رابط مشترك فهما أبناء مهنة واحدة لكنهما يختلفان في الأجواء المحيطة وبيئة العمل، فلو كان المدرب الإيطالي في مكان نظيره التشيكي لطارت قبعته منذ فترة طويلة أملا في إنقاذ بطولة الدوري، غير أن العقلية الإدارية في مانشستر سيتي أنقذته على الأقل حتى يكمل مسيرته في الموسم الحالي ومن ثم محاسبته، بينما يبقى هاسيك في مهب الريح دائما في انتظار ارتفاع أسهمه في مباراة وسقوطها في مباراة أخرى.. كثيرون يطالبون ببقاء المدربين مهما كانت الضغوط وهذا أمر صحي، خاصة عندما يستطيع النادي تقييم أداء المدرب ونتائجه، ومعرفة ما إذا كان يستحق البقاء بعيدا عن النتائج الآنية والتعثر في مباراة أو بطولة، غير أن ما يفسد هذا الأمر أن بعض الإداريين يتمسك ببقاء المدرب لمجرد عدم التغيير دون إدراك لقدرات المدرب الحقيقية وعدم استطاعته تقديم فائدة مستقبلية، وهنا يأتي دور الإداري الناجح الذي يستطيع معرفة ما يريد من المدرب قبل اتخاذ قرار التعاقد معه.. هناك أمور كثيرة تحكم عمل المدربين وتساعدهم على النجاح من أهمها الصفات الشخصية والقدرة على التواصل بشكل جيد مع اللاعبين والإداريين، فضلا عن توفر الإمكانات والتمويل الجيد وهذا يعتمد على قوة النادي المالية، وكثير من الإداريين يدركون مواصفات المدرب الجيد، لكنهم غالبا يبحثون الأنسب لهم قبل الأنسب للفريق!.. ليس من الصعب العثور على مدرب جيد، غير أن منحه الفرصة يتطلب احترافية إدارية لا تتوفر في أغلب أنديتنا العربية، ومن هنا تستمر الدوامة بسقوط القبعات وعودة السمسار دائما لعرض خدماته وبضاعته الجديدة!