كونتي.. المخرج الحقيقي لعمل يوفنتوس العظيم

أريغو ساكي

TT

المنافسة المحتدمة بين يوفنتوس اللامع بقيادة كونتي والميلان القوي بقيادة أليغري تطال الجماهير. لا بد لمنظومة كرة القدم الاعتراف بالجميل لهذين الكيانين اللذين يحافظان - أيضا بطرق مختلفة - على بطولة دوري غير لامعة دائما، مشتعلة وغير محسومة حتى النهاية. إنها أهداف صعبة في سياقات عنيفة وغير صبورة كثيرا، وقليلة الإيجابية والإبداع إلى حد ما. على الرغم من الذكريات والمشاعر والصداقة التي أحملها للميلان فإنه ينبغي علي الاعتراف أن فريق اليوفي هو الجديد العظيم الحقيقي والذي لا يمكن تصوره لبطولة إيطاليا، فما يذهل أكثر من النتائج هي الطريقة التي يتم تحقيقها من خلالها. إن لاعبي المدرب كونتي، وهو المخرج الحقيقي ومؤلف كل هذا بغض النظر عما يعتقد بلاتيني بخصوص المدربين (في أي فيلم، إن لم يكن نسيج الأحداث مثيرا، وربما يكون لديك أفضل الممثلين، لكن ذلك الفيلم لن ينجح)، يقدمون كرة قدم غير معتادة وتجذب اهتمام من ليس من مشجعيه. إنهم مجموعة متناغمة، وتمتلك معارف حديثة ذات طابع دولي، والتي تزيد من القدرات الفنية والمهارة والثقة بالذات لكل اللاعبين.

يبدو طبيعيا، اليوم، أن بوفون قد عاد الحارس اللامع كما كان في الماضي، أو الاختراق بسرعة البرق لفيدال، أو مسألة أن ماركيزيو قد تفجّر في كل قدراته. وماذا يقال بعد ذلك عن كييلليني وبونوتشي اللذين تعرضا لانتقادات ويشكلان مع بارزالي المولود من جديد خط الدفاع الأقوى في بطولة الدوري الإيطالي، أو بيرلو الذي لم يجدد له الميلان وهو الآن قائد ذو مستوى عالمي. بعد ذلك، هناك فوتسينيتش المستمر مثلما لم يكن من قبل، ولا داعي للحديث عن مساهمة ديل بييرو داخل الملعب وخارجه.

وتدعم إدارة اليوفي ممثلة في الرئيس أندريا أنييللي والمدير العام بيبي ماروتا بصورة كاملة أنطونيو العبقري وصاحب الأفكار. هذا هو المخرج والمؤلف الحقيقي لطريقة اللعب التي يتم تطبيقها بشكل عظيم عبر الالتزام غير العادي من جانب اللاعبين والمهارة الطيبة، والتي لم تكن تبدو طيبة كثيرا العام الماضي. لقد منح النادي ثقة للمدير الفني باتباع تعليماته من أجل ضم لاعبين أكثر فاعلية، وهو شيء نادر في الكرة الإيطالية.

يعتقد كثيرون أن طريقة اللعب تأتي فقط من موهبة اللاعبين. الأمر ليس كذلك، فقد يكون لديك أفضل لاعبي العالم لكن إذا لم يلعبوا معا ومن دون فكرة تلهمهم، فإنهم لا يظهرون مواهبهم ولا يحققون النتائج المرجوة مثلما يحدث في أوروبا والعالم. العكس في إيطاليا، حيث دائما ما تغلب مهارة الأفراد على الأداء الجماعي، وبوجه عام يُعتقد أن كرة القدم هي رياضة دفاعية فردية ومتخصصة. يوفنتوس يزيد من تاريخنا ومعارفنا ويتبنى كرة قدم أكثر اكتمالا وهو بطل لها. يستحوذ لاعبو اليوفي على الكرة والملعب، ويستمتعون، ويمتلكون دائما تقريبا زمام المبادرة ويحاولون فرض طريقتهم الخاصة في اللعب بفضل تنظيم وخبرات بارزة. ولو فاز بدرع الدوري ستكون هذه من المرات القليلة التي يتفوق فيها الأداء الفريق ككل على خصوم يمتلكون عددا أكبر من اللاعبين ذوي المهارة والأكثر حسما.

واليوم، نجد الفريق الأكثر رغبة في الإذهال مدعوما بهوية قوية ومعرفة رفيعة لكرة القدم الشاملة. اليوفي يدافع، ويقلل المساحات بين الخطوط، وهو متماسك، كما أن التعاون والضغط يمنحان ضمانات وشخصية للجميع. كما هو الحال في الشق الهجومي، حيث توجد مشاركة الجميع، والفكرة الواضحة للعب، والتكوين الذي يحسّن الربط والمهارة الفنية للتمريرات. التحرك من دون كرة، والاستحواذ، والاندفاع إلى الأمام تلهم الجمل التكتيكية لليوفي، والتي يمكن أن تكون دائرية، أو عن طريق الاختراق من القلب أو الانطلاقات العكسية. عمل طيب لأنطونيو ولاعبيه.