العنصريون والمبتزون يوجعونها؟

مساعد العصيمي

TT

العالم يرتقي ويتطور، والثقافات تتغير، وفي ركابها حياة تتسارع، وبما يجعلنا في محل الحيرة تجاه الكم الذي نحتاجه من الجهد والعمل لكي نلحق بالركب.

هي متغيرات سريعة إلى درجة أنه يصعب على من هو مثل بعضنا يعيش التنابز والعنصرية ولوي الحقائق.. وابتزاز المعلومة.. اللحاق بها.. ولعلنا نستطيع أن نفعل ذلك لو تهيأ لنا بعض قبول قليل مع أريحية تستقبل وترضى، لا ترفض حتى قبل أن تعلم.

لن أستفيض في معان حري بنا أن نكون في إطارها، لكن كان جديرا أن أشير إلى أن الكذب والعنصرية والإسقاطات البذيئة ظلت حاضرة في مجتمعنا الخليجي، وحسبنا أنها ستزول.. لكن، ما لفت أكثر أنها تتنامى.. يحدث هذا وسط تطييب الخواطر والقبول ممن يديرون الحوارات، وسط مجاملات مملة تجدها في البرامج الحوارية السعودية والخليجية.. فحين يكذب أحد الحضور باختلاق تسهيلات.. أو الرمي بإسقاطات مجتمعية لا يجد من ينهره أو يوقفه عند حده.. لذلك، سيستمر الأمر من باب الإثارة والبحث عن مزيد من المشاهدين والمعلنين.. ولذلك، لم نستغرب أن يكون الضيوف المفعلون لهذا الشأن هم من سقط المتاع.. التافهون المبتزون.. فهذه هي سوقهم.

ما علينا.. لكن كان جديرا أن أقف عند فعل حميد عنوانه التصدي للعابثين العنصريين.. وهو ما قام به خالد جاسم مقدم برنامج الكأس، برفضه بل وبطرده لمن أراد ذلك سبيلا عبر الاستهزاء بلون بشرة أحد الضيوف وفق عنصرية مقيتة.. لست أنا من يحيي الجاسم، بل كل الباحثين عن الرقي والموضوعية ونبذ الصفات المشينة.. نحييه لأنه أخبرنا أن هناك من هو قادر على طرد الإثارة المخلة الدنيئة.. حتى لو كانت من ضيف حضر من بلد خليجي آخر..

ما علينا أيضا.. هل نزيد في معاناتنا من العنصرية والابتزاز والكذب؟.. هي مواقف كثيرة كلها ألم وإعلان تأخر في العمل والتعامل.. إذن، نحن إزاء مبتزين قدموا إلى الأوساط الكروية ونالوا منها ما يريدون غير مدركين خطر ما قاموا به.. فأصبح هناك من وظف الإعلام أو الإدارة لنفسه وأراد به تمرير ما يريد.

أقول إنه عار وإثم كبير على كل برنامج يتنازل عن القيم لأجل الإثارة.. عار على من يرضى بذلك.. من يقف إزاء كذب أصحاب الفتنة حتى لو في شأن كروي تنافسي ويطبطب على كتوفهم محييا ومطالبا بالمزيد لأجل برنامجه.. إنه عار أكبر على من يدّعون أنهم أهل المناصب الكبيرة وهم من أوائل من انبرى للون البشرة أو الآيديولوجية وحتى البلد.. كيف نريد من الآخرين أن يحترمونا، وهذا ديدننا وذلك شأننا.

أساس القول أن تغذية أصناف الكره الجماعي، خاصة في مجتمعات ما زالت تعيش في آفاق الأعراف والقبيلة والرفض المباشر، لهو خطر شديد.. وأحسب أن الرياضة وعبر برامجها قد أحيت شأنا كبيرا في ذلك، مع أن من أهم أدوارها نشر التسامح، واحترام كرامة الإنسان وحريته في العمل والاختيار، بل إنها تقبل وتدعو إلى التعددية الحضارية بدلا من فرض العنصرية والهيمنة.

السؤال الأخير: كيف نقدم فكرنا الرياضي للآخرين؟ كيف نقدمه بكل ما يحمل من سلبيات وإيجابيات حتى حين التراجع والإخفاق.. هل نحتاج إلى عصا حين الحوارات الرياضية.. لكن، للأسف ليس لدينا إلا مقدم واحد فعل ذلك.. أما الآخرون.. فالله يرحم الحال؟!

[email protected]