تصرف ديليو روسي يوضح مدى تردي الكرة الإيطالية

أندريا مونتي

TT

مرحبا بكم في عالم الكرة الإيطالية وآخر تطوراتها. لم يكن ينقصنا حقا سوى ديليو روسي، مدرب فيورنتينا، الذي انقض كـ«ثور هائج» على ليايتش، لاعب فريقه، ليكيل له اللكمات ويكمل سلسلة الأعمال الجنونية التي تنتشر صورها في جميع أنحاء العالم. لقد نجحت الكرة الإيطالية باقتدار في 20 يوما فقط في إتمام المهمة الصعبة، وأظهرت للعالم دون خجل أو تردد أبرز آفاتها والشرور التي تهدد بنسفها. وأخذت صور ما حدث خلال الأيام الماضية تتردد أمام أعيننا لتصدمنا وتجعلنا نتسمر أمامها بأكثر مما تفعله أهداف ميسي. مشجعون يهددون اللاعبين ويوقفون المباريات، ورؤساء أندية يتهم بعضهم بعضا بأبشع التهم، وفي النهاية أيضا دخل المدربون واللاعبون هذه الحلقة من الأعمال الشائنة. إنها عدوى كرة القدم الإيطالية التي لا تغادر أحدا والتي تتمثل في «قانون الأقوى» انطلاقا من المدرجات ووصولا إلى مقاعد المدربين واللاعبين. ولا شك أن توجيه أصابع الاتهام نحو حفنة من المتعصبين كالمعتاد يعتبر كذبا ونفاقا، فكرة القدم الإيطالية بأكملها أصبحت تتميز بالتعصب الشديد ويجب القضاء على هذا التعصب في أسرع وقت.

إنني واثق أن البعض سيتهمني غدا بالتهويل والإثارة، ولذلك سأسرد هنا الوقائع التي تؤيد ما أقوله. لقد قامت مجموعة من الجماهير بالاحتفال باستئناف الدوري الإيطالي يوم 22 أبريل (نيسان) الماضي، بعد مأساة موروسيني، خلال مباراة جنوا وسيينا على طريقتها الخاصة بإجبارها لاعبي جنوا المهزومين على خلع قمصانهم وسط الملعب في حدث يشبه ما كان يحدث من عمليات التعذيب الجماعية في العصور الوسطى. ورضخ بريتسيوزي، رئيس النادي والشرطة، لهذا الابتزاز خوفا من حدوث كارثة. وفي يوم 28 أبريل عقب مباراة روما ونابولي استدعت الجماهير لاعبي روما أمام المدرج وانهالت عليهم بالإهانات والسباب. ورد عليهم توتي بمقولته الشهيرة: «وماذا يمكنني أن أفعل؟». وبعدها بيوم واحد فقط شهدت نهاية مباراة أودينيزي ولاتسيو خمس دقائق من الجنون والمشاجرات بسبب هدف غير مؤثر احتسبه الحكم في الثانية الأخيرة من المباراة. وشهدت نهاية المباراة لكمات ومشاجرات، وتم دفع الحكم من قبل أحد اللاعبين، لكن الأمر مر مرور الكرام، واقتصرت العقوبات على إيقاف مجموعة صغيرة من اللاعبين. وفي يوم 2 مايو (أيار) تظاهر الحكم الرابع بأنه لم يشاهد ما حدث على مقعد بدلاء فيورنتينا، وأنه لم يشاهد ديليو روسي يخلع قميصه ويلقيه في الهواء ثم يأتي بحركة تشير إلى أن كل شيء يسير على ما يرام. وقام ديلا فالي، رئيس النادي، بإقالة المدرب بسبب ما قام به، بينما وقعت المحكمة الرياضية عليه عقوبة الإيقاف لمدة ثلاثة أشهر، وهي عقوبة مخففة للغاية.

وانحازت أغلب الجماهير إلى صف المدرب، وهو ليس بالأمر الغريب مثلما يظن البعض، فإدانة مدرب معروف عنه الجدية والالتزام، على الرغم من نوبة الغضب والخطأ الفادح الذي ارتكبه، من شأنها أن تسلط الضوء على أخطاء الكثيرين. وبالإضافة إلى كل هذه الأحداث هناك أيضا فضيحة المراهنات التي يحقق فيها القضاء الإيطالي، والتي تبدو أكثر جسامة مما يعتقد البعض. ولعل الكثيرين يقولون إن كرة القدم الإيطالية معتادة على مثل هذه الأمور.

لكن الحقيقة خلاف ذلك؛ فقد أظهر استطلاع رأي تم إجراؤه مؤخرا أن 80 في المائة من عشاق الكرة يعتبرون أن كرة القدم الإيطالية فقدت مصداقيتها، وأن تقويمها يحتاج لعقوبات رادعة. وتؤكد خبرتنا، التي دعمتها واقعة ديليو روسي الأخيرة، أن القضاء الرياضي يعتبر موازيا للأخلاق السياسية، وكلاهما يحتاج إلى تعديل كبير. إن كرة القدم الإيطالية تفتقد الميثاق الأخلاقي، ويجب أن تستعيده في أسرع وقت ممكن، وإلا ضاعت إلى الأبد.