الذات الرئاسية

طلال الحمود

TT

بعد عام من الغربة عاد الوحدة، النادي الجماهيري، إلى مكانه الذي خسره بقرار انضباطي رفض متخذوه لاحقا الدفاع عنه في محكمة التحكيم الرياضي في لوزان بعدما اكتشفوا بالصدفة أنهم غير ملزمين بالذهاب إلى هذه المحكمة، عاد الوحدة بعدما ودعته لجنة الانضباط بعقوبة واستقبلته بعقوبة، وكأن هذا النادي أصبح «ملطشة» وكيانا لتجريب القرارات فيه.. هذه المرة العقوبة مختلفة، بل غير منطقية، وحيثيات قرار اتخاذها تفتقر إلى المهنية، فخصم رئيس الوحدة هو الاتحاد السعودي لكرة القدم، والحكم أيضا هو الاتحاد السعودي نفسه، والمبررات شخصية بحسب بيان لجنة الانضباط الذي أعلن عن إيقاف التونسي خمسة أعوام عن مزاولة نشاط كرة القدم وتغريمه مبلغ 172.500 ريال، وبالرجوع إلى البيان نجد أن العقوبة جاءت ردا على تصريحات التونسي ضد رئيس اللجنة القانونية ماجد قاروب، ورئيس لجنة الحكام عمر المهنا، ورئيس لجنة الانضباط صالح الخضر، ومن خلال حيثيات القرار نجد أن التونسي سيبتعد عن نشاط كرة القدم لأنه اتهم قاروب بالجلوس في الغرفة المجاورة أثناء التحقيقات! ما يجعلنا نتساءل: ماذا لو قال التونسي إن قاروب كان في المقهى، أو في السينما؟ هل سيتم شطبه إلى الأبد بتهمة التطاول على الذات الرئاسية لرئيس اللجنة القانونية؟

البيان اتهم التونسي بتضليل الرأي العام لقوله إن قرار لجنة الانضباط كان يهدف إلى هبوط الوحدة، قبل أن تعود اللجنة في البيان نفسه لتمارس تضليل الرأي العام عندما قالت إن القرارات التي اتخذت ضد نادي الوحدة في الموسم الماضي نالت تأييد الجهات المحلية و«الدولية»، ولا أعلم ما هي الجهات الدولية التي أيدت ذاك القرار طالما أن محكمة التحكيم الرياضي رفضت النظر في القضية لعدم موافقة محامي الاتحاد السعودي على الاحتكام إليها..! مع احترامي الشديد للجان المعنية في الاتحاد السعودي لكرة القدم إلا أنها تعاملت مع التونسي على طريقة «اخرس»، بل إن الأمر تحول إلى تسخير القوانين «المطاطية» لصنع جدار حماية لأشخاص معنيين في لجان الاتحاد السعودي ضد نسمة الهواء العابرة، على اعتبار أنهم يظنون أن لهم ذاتا رئاسية مختلفة يجب أن تصان من مجرد النزول إلى مستوى البشر التقليديين، وربما يكون لهم الحق في أن يذودوا عن ذاتهم الرئاسية من خلال القوانين وهذا أمر مشروع، ولكن عليهم أيضا أن يحترموا ذاتهم الرئاسية «شوية» عندما يتعدى عليها بعض رؤساء الأندية من أصحاب النفوذ الاجتماعي أو التجاري، فعندما يظهر رئيس ناد من «إياهم» ويتهم الحكام بـ«الرشوة»، عليك حينها يا رئيس اللجنة القانونية أن تعتبر هذا مساسا بذاتك الرئاسية لا أن تسكت، وعندما ينزل رئيس ناد أيضا من «إياهم» و«يمسخر» الحكام في وسط الملعب ويعتدي على رجال الأمن، عليك أن تعتبر هذا مساسا بتلك الذات، وعندما يظهر رئيس ناد أو عضو شرف من «إياهم» أيضا ويتحدث في القنوات الفضائية بما يقال ولا يقال عن لجان الاتحاد السعودي، فعليك أن تبادر فورا بأدواتك القانونية لصيانة ذاتك الرئاسية..! ولكن مع الأسف يتوقف إظهار القوانين على نوع الخصم وقوته، فما يطبق على رئيس نادي نجران، لا يطبق على رؤساء الأندية «إياها»، ولأن المجال لا يتسع لسرد تلك الوقائع أنصح رئيس اللجنة القانونية بأن يعود إليها ليعرف أن قرار إيقاف التونسي خمس سنوات وتغريمه بمبلغ مالي كبير لا يوازي حجم الخطأ إذا ما افترضنا أن العقوبة جاءت لارتكابه أخطاء يستحق عليها العقاب، وليس لفت النظر كما حدث للرؤساء «إياهم».