ديل بييرو.. خير مثال للعب النظيف

أندريا سكيانكي

TT

يعد إنهاء تاريخ مسيرة كروية تمثل حياة بأكملها بتسجيل هدف حلما بالنسبة لجميع اللاعبين، ولقد نجح ديل بييرو، قائد يوفنتوس، في فعل ذلك؛ ولهذا أيضا يعتبر لاعبا استثنائيا خارجا عن المنطق وعن المألوف. ومنذ 12 سبتمبر (أيلول) 1993 حتى اليوم صنع ديل بييرو مسيرة كروية مذهلة يلزم في وصفها استخدام المحسنات البديعية والصور البلاغية وغيرها. فمنذ زمن بعيد أطلق عليه المحامي أنيللي، رئيس نادي اليوفي السابق، اسم الفنان المبدع «بينتوريكيو». فلقد فعل ذلك الرئيس السابق لكي يميز بينه وبين باجيو الذي كان يدعوه برفاييللو، وفي ذلك اللقب كان يكمن تقدير عميق يظهر استحقاقه لارتداء قميص السيدة العجوز. ثم تأتي مرحلة ديل بييرو «غودوت»، التي اختفى فيها فجأة، ولم يعد حينها أبدا كسابق عهده، ولكن إلى جانب وجود لحظة سوداء (أو رمادية) في مسيرته الكروية يمكننا أن نجد الكثير من اللحظات المضيئة في حياته.

ويعني قضاء 19 عاما بقميص يوفنتوس بالنسبة لديل بييرو خوض 704 مباريات ولعب بشكل خاص 48785 دقيقة، حيث أمضى نصف حياته في الملعب في الركض وراء الخصم والمراوغة بالكرة وإخفائها وتسديدها نحو المرمى. ولقد أمضى حياته براحة بال مثل الطفل الصغير أيضا في لحظات قمة الألم. ولم يكن ديل بييرو بالنسبة للسيدة العجوز راية الفريق فحسب، حيث سيكون ذلك تعريفا بسيطا للغاية، فقد كان هو الفريق والعماد الرئيسي له والنقطة المرجعية للزملاء وللجماهير، سواء انطلق في الملعب أساسيا أو جلس على مقعد البدلاء. ولقد انطلق أساسيا في 552 مباراة، ونزل الملعب أثناء المباراة 152 مرة، وتم تبديله أثناء المباراة 233 مرة، وما أكثر المرات التي توجه فيها النقد إلى المدربين الذين وضعوا البطل العبقري محلا للنقاش. ولقد حقق يوفنتوس الفوز في 387 مباراة بفضل وجود ديل بييرو في الملعب، سواء بأهدافه أو بصنعه تمريرة حاسمة أو من خلال تألقه في الملعب. كما حقق الفريق التعادل في 197 مباراة؛ من بينها 15 تعادلا في هذا الموسم. وانهزم اليوفي في وجود قائده ديل بييرو في الملعب في 120 مباراة في المواسم السابقة.

كما ساهم القائد في انتصارات اليوفي بتسجيل 289 هدفا؛ حيث سجل 188 هدفا في دوري الدرجة الأولى الإيطالي، و44 هدفا في دوري الأبطال، و25 هدفا في كأس إيطاليا، و20 هدفا في دوري الدرجة الثانية الإيطالي، وهدفين في مباريات كأس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، وثلاثة أهداف ضمن مباريات الدوري الأوروبي، وثلاثة أهداف أخرى في كأس سوبر رابطة الأندية الإيطالية. كما سجل هدفا في بطولة كأس إنترتوتو، وهدفين في مباريات كأس السوبر الأوروبي، وهدفا آخر في مباراة كأس الإنتركونتيننتال. إذن فقد سجل ديل بييرو بشكل عملي في كل البطولات الإيطالية والأوروبية والعالمية التي شارك فيها. وبين العارض والقائمة رفع ديل بييرو عينيه إلى السماء من اليأس 68 مرة، بينما أخطأ في تسديد 12 ضربة جزاء.

وما ينبغي أن نؤكد عليه في نهاية مسيرة طويلة جدا لقائد يوفنتوس هو ما يتعلق بسلوكه في الملعب، حيث تلقى ديل بييرو 50 بطاقة إنذار وبطاقتي طرد فقط طوال 19 عاما من مسيرته الكروية، وفي المجمل توقف لثلاث جولات فقط (جولتين في دوري الدرجة الأولى الإيطالي وجولة في دوري الدرجة الثانية). وعندما نتحدث عنه فعلينا أن نتذكر دائما سلوكه السليم وجديته في الملعب. وفي ظل كرة القدم الهستيرية التي تميز الألفية الثالثة، هذه هي القيم التي ينبغي الحفاظ عليها بشدة ونقلها إلى أطفالنا. فلنتمسك بقوة بتلك النماذج، ولنضم العملاق ديل بييرو بعناق كبير.