الأنصار وفتوى الشيخ الفوزان

موفق النويصر

TT

انفردت صحيفة «الشرق الأوسط»، يوم الاثنين الماضي، بنشر خبر منسوب إلى مصدر موثوق في الرئاسة العامة لرعاية الشباب، يؤكد فيه تلقيهم طلبا من عضو هيئة كبار العلماء، الشيخ صالح بن فوزان الفوزان، بتغيير اسم نادي «الأنصار» في المدينة المنورة بآخر، نتيجة الإساءة الكبيرة التي يواجهها الفريق في وسائل الإعلام بسبب أدائه الضعيف في المنافسات الكروية السعودية.

وبرر الشيخ الفوزان هذا الطلب بأن اسم «الأنصار» له قيمة اعتبارية ومكانة اجتماعية في الإسلام، وبالتالي يجب أن لا يهان أو يتم الاقتراب منه تحت أي مبرر أو ذريعة.

شخصيا وأنا أقرأ فتوى الفوزان وجدت نفسي منقسما بين أمرين؛ الأول لم أجد فيما ذكر ما يستحق الوقوف عنده أو الاعتراض عليه، كونه ينطلق من آيديولوجيا تفرضها عليه ثقافته ورؤيته الدينية للأمور، وإن كنت أتمنى، طالما أنه تحدث في الشأن الرياضي، لو أنه طالب أهالي المدينة المنورة بالالتفاف حول ناديهم والوقوف معه بدلا من مطالبتهم بتغيير اسمه.

الأمر الثاني أن نظرته القاصرة للشأن الرياضي أوقعته في مأزق أن «الأنصار» ليس فريق كرة قدم فقط، بل هو ناد عريق لديه الكثير من الألعاب التي تحقق الانتصارات وتجلب البهجة والسرور لقلوب مشجعيه، وبالتالي من غير الإنصاف نزع هذا التفوق عن هذا الاسم.

المشكلة الحقيقية أراها في تصرف الرئاسة العامة لرعاية الشباب حيال هذا الطلب، عندما لم تجعله حبيس أدراجها، بل وجهته لرئيس نادي الأنصار وطالبته بدراسة مقترح الشيخ الفوزان وعرضه على أعضاء الجمعية العمومية للنادي في أقرب اجتماع لهم، الأمر الذي أعلن رئيس الأنصار امتثاله له على الرغم من امتعاضه من هذه الخطوة، كونه اعتبر المطالبة بتغيير اسم ناديه محاولة لإلغائه من الوجود بأمور بعيدة عن الواقع الرياضي، مستدلا على ذلك بوجود أندية أخرى مرتبطة بأسماء تاريخية لها قيمتها ومكانتها الاعتبارية، مثل «أحد» و«الغزوة» و«حراء» وجميعها ليست بأفضل حالا من «الأنصار».

المفارقة أن التدخلات في الشأن الرياضي من جهات ليست لها علاقة بالرياضة أصبحت أمرا متاحا وسهلا، ولعل آخرها ما حدث في العام الماضي من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عندما تجاوزت «اتحاد كرة القدم» وخاطبت الأندية مباشرة حول «وشوم» بعض لاعبيها الأجانب وقصات شعرهم «التي لا تتماشى وعادات المجتمع السعودي»، وكيف أن الأندية رضخت بسهولة لهذه المطالب، وأجبرت لاعبيها على تغطية وشومهم وقص شعرهم بحسب رغبة الهيئة، في موقف يخالف جميع القوانين الرياضية، التي تفرق بين ما يطبق داخل حدود الملعب وخارجه.

الأكيد أن تساهل «رعاية الشباب» قد جرأ الكثير من الجهات والأفراد على التدخل في شؤونها الخاصة، وبالتالي فرض رغبته عليها، مما يجعلنا نتخوف من قدرتها على التصرف بجدية وحزم في مقبل الأيام، عندما تصطدم هذه التدخلات بالقوانين والأعراف الرياضية الدولية الملزمة لها.. فهل تعي «رعاية الشباب» أن ما تقوم به الآن؛ من تفريط في حقوقها المكتسبة، سيفقدها كامل سيطرتها على القرار الرياضي.. أم أنها ترى ما لا نراه؟!

[email protected]