غويدولين.. مثل مانع الصواعق يجتذب إليه كل الشحنات

لويجي جارلاندو

TT

ربما لأن غويدولين، مدرب أودينيزي، يرتدي دائما الملابس الرياضية، ويجلس القرفصاء على حافة الملعب كما لو كان صيادا في غابة، مع تركيزه على قراءة المباراة بين أقدام اللاعبين. وربما لو كان غويدولين أنيقا مثل مانشيني، ويضع أحيانا سيجارا في فمه من نوع توسكانو مثل ليبي، وأحيانا أخرى يحرك ذراعيه مثلما يفعل رانييري، فقد يشبه غويدولين مدربي الفرق الكبيرة الأخرى بشكل أكثر من ذلك على مستوى المظهر. لعل كل القصة تتعلق بمظهر مدربي الفرق الكبيرة، نظرا لأن غويدولين يركب الدراجة من حين لآخر، ولا تخرج عنه أبدا كلمات تثير الجدل مثلما يفعل مورينهو، ولا صمت قوي الأثر مثلما يفعل زيمان. ثم نأتي إلى النظرات مقارنة بنظرات كابيللو القوية القادرة على تثبيت الكاميرا عليه وأن تجعل المشاهد يقف أمام شاشة التلفزيون في منزله، وعلى العكس في نهاية المباراة حتى وإن فاز فريقه يظهر غويدولين ابتسامة مرتعشة، تنم عن ضيق طفيف، كما لو كانت درجة حرارته 37.5 ويعاني من وهن.

لعل كل المسألة تتعلق بمظهره، لأن في زماننا هذا المظهر ليس أقل أهمية من الجوهر. وفي النهاية كان رؤساء الأندية أكثر اقتناعا بأن غويدولين مدرب بارع، ولكن لديه مقومات أقل من أن يتحمل ضغط المباريات الكبيرة ومتطلباتها، بسبب تلك التصرفات العصبية الرفيعة التي تم اكتشافها. وإن غويدولين مثل مانع الصواعق الذي يجتذب إليه كل الشحنات الكهربائية في الهواء، وفي نهاية الموسم يصبح بالتالي منهكا تماما وخائر القوى، كما هو الآن، يتأمل بلسما عاما للراحة. ولقد كان الوضع أسوأ حينما كان لاعبا وفقا لتصريحه: «كنت في حاجة إلى ثقة المدرب، وكنت أعاني من الصافرات وأحوال الملعب والطقس». وإن حساسية غويدولين كانت دائما مثل المجسات الهوائية شديدة الحساسية لأدق الأشياء. فهل يمكن تثبيت تلك المجسات على مقعد تدريب فريق كبير دائما ما يقع في قلب العواصف المغناطيسية؟ لقد أجاب نادي يوفنتوس على هذا التساؤل في عام 2004، قائلا: «أجل، إنه يستحق العناء». وبدا كل شيء محققا، ولكن موجي قرر تحويل الدفة إلى كابيللو، قائلا: «نأسف على الإزعاج يا غويدولين، ربما في العام المقبل». لعل ذلك أيضا بسبب الصورة أو المظهر، لأن في ضوء مسيرته الكروية وكفاءته لأكثر من 20 عاما من التدريب لا يفسر ذلك سبب منعه من تدريب الفرق الكبيرة وممارسة كرة القدم الأكثر نبلا. فبالنسبة للكثير من المدربين كان يكفي تحقيق بطولة واحدة لكي يتألق كالنجوم في سماء المدربين، وقد فاز غويدولين بكأس إيطاليا في عام 1997 حينما كان يدرب فيتشينسا، وقد كان ذلك إنجازا تاريخيا بالنظر إلى القوى التي ظهرت في الملعب. وبالنسبة لكثير من المدربين أيضا كان يكفي الإبداع الخططي، ولقد ابتدع غويدولين طريقة لعب 4 - 2 - 3 - 1 الإيطالية، التي سجلها من بعده سباليتي، باسمه في مكتب براءة الاختراع. كما قد كان يكفي بعض المدربين الترقي في مسيرتهم الكروية، وهنا نذكر أن غويدولين وقع عقود مع أندية رافينا وفيتشينسا وباليرمو وبارما، أو قد يكون كافيا بالنسبة للكثير من المدربين الاعتراف ببراعتهم علنا، وقد تتم تتويج غويدولين كأفضل مدرب لعام 2011 بالجائزة الأجمل بين زملائه. وبالنسبة لمدرب آخر كان كافيا أن يتولى تدريب فريق الناشئين أو البراعم لكي يرتفع نجمه في سماء التدريب، ولكن غويدولين لا يعرف كيف يسوق لنفسه في السوق، وهذا هو عيبه الخطير في سيرك الحياة.

ولكن ربما الزمن قد نضج بما فيه الكفاية ليقدم التعويضات. ومن قبل حينما كانت الأندية الإيطالية ثرية بإمكانية الحصول على أمثال رونالدو وكاكا في الدوري الإيطالي كان يمكن للمدرب أن يكون مديرا للنجوم. أما في الوقت الحالي الذي تنتحب فيه ميزانية الأندية مع رحيل المواهب الفردية الكبرى إلى الخارج، تحتم على أكبر الأندية الإيطالية إعادة اكتشاف قيمة اللعب الجماعي والتركيز على النجوم الصاعدة. فمن سيكون أفضل من غويدولين الذي جعل أودينيزي يشارك في دوري الأبطال مرتين وملأ خزائن عائلة بوتسو المالكة للنادي بالنقود ورفع من قيمة لاعبين مجهولين كما أمتع الجميع باللعب بكفاءة عالية؟ إن الصورة الحقيقية للمدرب غويدولين تظهر في عمله المتألق.