الكرة الحديثة.. البقاء للأفضل أم الأكفأ؟

موفق النويصر

TT

نجح فريق تشيلسي الإنجليزي في الفوز ببطولة دوري أبطال أوروبا لهذا العام لأنه الأفضل أم الأكفأ؟ كان هذا الحديث محور نقاش مطول بيني وبين أحد الأصدقاء المتعصبين للفريق الإنجليزي، الذي يرى أن فريقه أفضل فرق القارة العجوز، كونه نجح في الإطاحة بفرق بنفيكا البرتغالي وبرشلونة الإسباني وبايرن ميونيخ الألماني وصولا للكأس الأغلى عالميا.

هذا الحديث العاطفي قد يجد له ما يدعمه على أرض الواقع، خاصة عندما تكون النتائج الإيجابية حاضرة وبقوة، ولكنه لا يلغي رأي شريحة كبيرة لا ترى في كرة القدم فوزا وخسارة فقط، بل متعة تدخل البهجة والسرور على نفوس متابعيها.

شخصيا، لا يخالجني شك في أن فريقي بايرن ميونيخ وبرشلونة، على وجه التحديد، يتفوقان على فريق تشيلسي في مهارة لاعبيه، واحتفاظهم بالكرة، وإمتاع الجماهير، وقدرتهم في الضغط على الخصم، والوصول بسهولة إلى مرماه، ومع هذا لم يتمكنا من نيل الكأس.

في المقابل، يتميز الفريق الإنجليزي على غيره من الفرق الأخرى، بقدرة مدربه الإيطالي روبيرتو دي ماتيو على قراءة الخصم بشكل جيد، ومن ثم توظيف لاعبيه بشكل يضمن له تحقيق النتيجة المرجوة بأقل عدد ممكن من الفرص.

ولعل من تابع مباراتيه في نصف نهائي بطولة أوروبا أمام برشلونة، سيفاجأ عندما يعلم أنه لم ينجح في الوصول الفعلي لمرمى الخصم سوى 4 مرات، تمكن من التسجيل فيها من 3 فرص، واحدة في المباراة الأولى التي انتهت (0 - 1)، واثنتين في الثانية (2 – 2)، رغم حالة النقص التي كان يعانيها، بعد طرد قائده جون تيري في منتصف شوط المباراة الأول.

وفي مباراة بايرن ميونيخ على ملعب أليانزا إرينا، سجل نجمه دروغبا هدف التعديل في الدقيقة 88، بعد 6 دقائق فقط من تسجيل الفريق الألماني لهدف السبق، مع ملاحظة أن هذا الهدف جاء من أول ضربة ركنية للفريق في المباراة، مقابل 19 ضربة كانت لبايرن ميونيخ قبل أن يتحقق التعادل.

المباراة التي تابعها أكثر من مليار شخص عبر شاشات التلفزيون، قدمت نموذجا حقيقيا لمفهوم صناعة كرة القدم الحديثة، التي لا تعتمد بالضرورة على مهارة اللاعبين الكروية، ومقدرتهم على الاحتفاظ بها طيلة وقت المباراة، بقدر ما تعتمد على التكتيك والتكنيك الذي يعتمده مدرب الفريق في كيفية وصول لاعبيه إلى مرمى الخصم بأقصر الطرق، ومن ثم استغلال مواقع الضعف في الفريق المنافس الاستغلال الأمثل.

الأكيد أن لاعبي تشيلسي الحاليين ليسوا بأفضل الأسماء التي مرت على تاريخ الفريق، والأكيد أيضا أن ما يقدمونه من كرة بعد إشراف دي ماتيو عليهم لا يمكن الاستمتاع به، ولكن واقع الحال يقول إن هذه المجموعة نجحت في ما فشل فيه الجميع طوال 107 سنوات هي عمر الفريق.

إن ما يقدمه تشيلسي اليوم سيبقي الجدل القديم الجديد دائرا حول مفهوم كرة القدم الحديث وأيهما أقدر على البقاء.. الأفضل والأمتع أم الأكفأ في تنفيذ ما هو مطلوب منه؟ وهو جدل سيستمر ما استمرت كرة القدم.

[email protected]