قلت قبل سنوات

أحمد صادق دياب

TT

قال صديقي: «يا أحمد، انتهى عصر المثالية التي تحاول أن تعيشها، هذا هو عصر التعصب والمجاهرة به، اصح وانظر حولك، فليس هناك مجال لغير إظهار الميول والدفاع عنها، والوقوف دونها، فاليوم كلنا نحمل شعارا واحدا ضد الجميع (من ليس معنا فهو عدونا)، فهل أنت معنا؟».

يا صديقي، لست مثاليا أو قريبا من المثالية، ولا أحاول أن أعيش في جلباب غير الذي أومن به وأحبه، نعم يا صديقي، لديّ من الميول مثلما لديك، وأشعر بالفرح مثلما تشعر حين يفوز فريقي، وأحزن لحظات عندما يخسر، ولكني سرعان ما أتذكر أنها لعبة لا بد فيها من الفوز والخسارة، فأخرج بمشاعري بعيدا عن مفاهيم الفرح والحزن. ما الذي يستفيده من يشتري هذه الجريدة وغيرها من معرفته إذا ما كنت أشجع هذا الفريق أو ذاك؟! على العكس، سأكون خاسرا لأن لا أحد سيتقبل مني رأيا في غير فريقي، وسأتحول إلى أداة يستغلها البعض للوصول لأهدافهم، ومقابل ماذا؟ فأنا لا أعرف ثمنا يمكن أن أحدده لصراحة الكلمة وسطوة الحقيقة والرأي الخاص النابع من القلب والعقل.

نحن، أيها العزيز؛ أنا وغيري كثيرين، لسنا مثاليين ولكننا واقعيون نحاول أن ننقل للآخرين خلاصة خبرتنا ومعايشتنا لهذه المجنونة التي ندعوها كرة قدم. تأكد أن رسالة الإعلام، ولا أقول الصحافة الرياضية، ليست التحدث إلى فئة واحدة، بل للمجتمع ككل. ليس من مصلحة كرتنا السعودية أن يكون إعلامنا مقسما على الأندية، يحمل شعاراتها المختلفة ويتقاتل (لغويا)، فيما بينه دفاعا عن ألوان كلها في نهاية الأمر تصل بنا إلى ما نفخر أن نطلق عليه كرة سعودية.

سيكون أمام الأمير فيصل بن تركي بن ناصر الكثير من العمل الصعب، ليتمكن من وضع فريق النصر على خارطة بطولات كرة القدم السعودية المستقبلية، فالفريق يحتاج إلى الصبر الطويل وإلى ترميم نوعي ودعم في كل خطوطه، بدءا من الحراسة، مرورا بالدفاع وخط الوسط، وانتهاء بالهجوم.

لكن معرفتي بالأمير الشاب تدفعني للتفاؤل، فهو من القلائل الذين عرفت ممن لا يؤمنون بكلمة مستحيل، ويصرون على أن التخطيط والعمل كفيلان بتذليل الصعاب.

هذه المقالات الكثيرة التي قرأناها تتحدث عن فعالية الأمير خالد بن عبد الله بن عبد العزيز وفكره ونضجه، ما الجديد الذي أضافته لنا؟ فنحن نعرف أن هذا الرجل الصامت معظم الوقت يعتبر بحق أنموذجا يجب أن يقتدى به في الوسط الرياضي. ولو كان لدينا استفتاء عن الشخصية الأكثر تأثيرا وعمقا وفهما لإدارة الأندية الرياضية في بلادنا بعيدا عن الانفعال والإسفاف الذي نسمعه، لما خرجت النتيجة أبدا عن «خالد بن عبد الله».

جميل أن نشاهد ناصر الشمراني يتصدر قائمة الهدافين بوجود غير السعوديين من المهاجمين الذين كلفوا الأندية ملايين الدولارات.