«التدريب».. طموح أم مجرد مغامرة؟!

هيا الغامدي

TT

قليلون هم الرياضيون الذين يتجهون للتدريب بعد اعتزالهم كرة القدم، وكثيرون هم الرياضيون المنظرون من فوق كراسي الفلسفة النظرية بعيدا عن أرض الواقع وعقد اتفاقيات ميدانية مسبقة معها!!

شجعان هم الذين يمارسون أحلامهم وأفكارهم ومعتقداتهم على الساحة الميدانية، فهناك المساحة والفرص المتوافرة لتدوين المذكرات المنطقية التراكمية تفعيلا لخبرة السنوات، ولأننا نعيش بزمن الاحتراف والمهنية فكان لازما على الرياضي المحب لمهنته عدم الركون عند عامل «الخبرة» فقط، فكُرة القدم أصبحت من الديناميكية لتكون علما متجددا بحاجة إلى صقل وتأطير بالإطار العلمي المتفق عليه لدى الفيفا بالحصول على «الرخصة الدولية»، والجابر سامي ربما الرياضي الوحيد محليا وحاليا الذي تقدم بالحصول على تلك الرخصة من مهد كرة القدم في العالم، إنجلترا، ولأن كل علم بحاجة إلى تطبيق عملي وميدان لصبّ كل التجارب والخبرات والنظريات العلمية على أرض الواقع فكان لا بد للمدرب أن يختار وجهة لهدفه الذي كان قد أسس له منذ زمن من خلال تلك الأرضية الخصبة بشخصيته كلاعب، موجها إلى زملائه ومحركا لاتجاهات اللعب والثقة المسنودة إليه فنيا وإداريا!

ولأن معظم إشكاليات الجدل الدائر بالإطار المتفق عليه بالنسبة للمدرب الوطني لدينا لا تخرج عن قيادته للمركبة الإسعافية بالحالات الطارئة فقط (إقالة / استقالة) للمدرب، فإن تلك الزوايا الخانقة تقتل طموح أي مدرب بالعالم مع نقص الثقة واضمحلالها، وستبقى الحال كذلك في كل المجالات «للمنتج المحلي»، فزامر الحي لا يطرب عطفا على تدني مركبات الثقة فيه وعلى عقدة الأجنبي لدينا، المالك الحصري للعصا السحرية لتغيير واجهة كل شيء حتى «جلد اللاعبين وأذهانهم»، تلك التركيبة الانفصالية أزلية ومتوارثة ولا أظن أن هناك مجالا لإزاحتها ما دمنا بقينا على ذات القناعة!

وباتجاه آخر قوبل طلب الجابر تدريب الهلال بشكل رسمي بالرفض من قبل أصحاب الرأي بحجة قلة الخبرة والمغامرة، وبرأيي وجهة نظر منطقية وإيجابية، فالجابر أولا تخطى نقطة الانطلاق / النجاح مع ناديه وبالتالي هو بحاجة إلى بيئة خارجية تشكل اختبارا حقيقيا لموهبته ودراسته وفكره، والهلال مقبل في الفترة المقبلة على تحدٍّ جديد مع دوري أبطال آسيا ومنعطفاته الصعبة الخطرة، بالتالي لا مجال ولا وقت «للمغامرة أو التجريب»!

مع التأكيد على أن مدربين عالميين كثر برزوا وانطلقوا من نقطة مواطن الثقة التي غرستها بهم أوطانهم كمدربين لأندية / منتخبات، إلا نحن، فابن الوطن يبقى أسير «لحظة الضيق» ليكون أمينا عاما «لساعة الفزعة»!!

وإلى أن يبقى التعاقد مع النادي الفرنسي رسميا ينبغي أن لا نحكم على التجربة بالنجاح / الفشل كعادتنا، فنحن نمهد لاستمرارية فشل دائم ومتعاقب! ويبقى الأهم أن المحترف السعودي يجب أن لا ينسى أن لديه مهمة تمثيل بلده كونه سفيرا لرياضتها مع تدني مستويات الثقة التي يواجهها في الداخل قبل الخارج، وأن يركز هدفه على الاستمرارية بمسألة تطوير الذات، مع التأكيد على صعوبة مهمة الجابر كون الفريق الفرنسي درجة ثانية ولديه هدف الصعود للدرجة الأولى.

وبعيدا عن التهكم والتقزيم والتشكيك ولكي نخرج من الدائرة المغلقة «لم ينجح أحد»، المسألة بحاجة إلى دعم وثقة وتشجيع، فأنديتنا بحاجة إلى المدرب الوطني وكذلك منتخباتنا «الخاوية» ممن يعمل لأجل سمعة البلد لا مجرد «أمواله»، والعائد سيكون في صالح الكرة السعودية المتراجعة تراجعا مخيفا في الآونة الأخيرة دون حراك من أحد!