«عرب أوروبا».. أوفياء للتجنيس!

هيا الغامدي

TT

لا تزال الماكينة الألمانية الأبرز في اليورو، والمنتخب شبه الوحيد الذي لا يزال محافظا على توازنه وثقله بالبطولة للآن!.. فالكبار نصبوا الفخ لبعضهم، فسقطوا في شباك التعادلات وقتل جدلية الحسم المبكر: إيطاليا وإسبانيا.. فرنسا وإنجلترا!!

المستضيفتان بولندا وأوكرانيا تبليان حسنا، بالذات الأخيرة التي قدمت عرضا ونتيجة مذهلتين بأقدام ساحرها ومخضرمها «شيفشينكو» الذي خاض معركة «رد» على منتقديه عطفا على سنواته «الثلاثينية» بهدفين، رفعة لبلاده وكرامته (صورة مع التحية لمن ينتقد ضم المنتخب لعناصر الخبرة).. فالخبرة تفرق للأفضل ولا جدال!.. ولكن!

الدب الروسي أثبت وجوده الفاعل، ومعه كرواتيا البلد الأوروبي صغير المساحة وقليل السكان وبالمقابل كثير العطاء والديناميكية.. غريب هذا المنتخب لا يملك دوريا قويا بالموازاة بالإنجليزي والإسباني والإيطالي، لكنه يملك أقداما وعقولا وإمكانيات ترهب الخصوم بالملعب!! فكرواتيا الخطر المحقق الذي ينتظره كبار الكرة الأوروبية كإيطاليا وإسبانيا.. «تخيلوا» ما قد يفعله هذا المرعب الصغير الكبير بالمجموعة الثالثة بأحد الكبيرين، الماتادور أو الطليان؟!.. فبالأمس لعب «الآزوري» أمامه مباراة صعبة، والماتادور أمام آيرلندا المتجمدة عند «زيرو» درجة أوروبية.. تغيب عني نتيجتهما التي قد تخلط الأوراق مجددا وتعجل بخروج قد لا نتوقعه!

ومع فرنسا وألمانيا وهولندا يحلو الحديث «عربيا»، فتلك المنتخبات الثلاثة هي حاملة لواء الاستعانة بالعنصر «العربي» والأفريقي.. مع ما تملك من ثقة وشجاعة وجرأة!.. ومع أن «التجنيس» تجربة أثبتت نجاحها أوروبيا من خلال فرنسا على الأكثر بعنصر (أو عنصرين)، فإنها أصبحت سمة ملازمة وعنوانا عريضا لأكثر من منتخب وبشكل جماعي متزايد، فألمانيا في مقدمة الدول كتجنيس برقم يفوق الـ11 لاعبا من جنسيات مختلفة أوروبية (بولندا وتركيا وإسبانيا والبوسنة)، وأفريقية (نيجيريا وغانا وتونس)، يتقدمهم التونسي سامي خضيرة والتركي مسعود أوزيل!.. وتأتي فرنسا ثانية في الترتيب كعدد مجنسين بـ10 لاعبين أهمهم السنغالي إيفرا والجزائريان نصري وبنزيمة، والمغربي رامي، والتونسي بن عرفة!.. ولعل أشهر وأبرز العناصر العربية في إطار التجنيس الفاعل فرنسيا الأسطورة الجزائرية الفرنسية زين الدين زيدان المعروف بـ«زيزو»، والذي قد لا تشجع نهايته غير المتوقعة كقيمة دولية وعالمية بمنتخب الديوك على استمرارية ونجاح العرب الحاليين..!! أتساءل وبعمق أين زيدان من مواقع التأثير فنيا وإداريا بالاتحاد الفرنسي لكرة القدم؟! وهل يجوز أن تطمر تلك الموهبة العالمية العظيمة تحت أنقاض الزمن؟!!

هولندا لديها مجنسون عرب أعطت لهم الضوء الأخضر بالمشاركة الأوروبية كبلحروز وإبراهيم أفيلاي وماهر مغربيا، وهنا نقف على استراتيجية الوجود العربي من الشمال الأفريقي بالدول الأوروبية تحت بند التجنيس كتجربة ناجحة!

وسأقف على مقال كتبته قبل أسبوعين «أمم أوروبا.. ليست للمشاهدة»، فعلينا الاستفادة من البطولة الأوروبية كدروس وعبر بكل المجالات وبالذات التنظيمية والتخطيطية لا «الفرجة» فقط. «التجنيس»، كتجربة لقيت مجالا خليجيا أثبتت نجاحها أو العكس، هو حالات استثنائية لا ينبغي تعميمها، وبرأيي حان الوقت لتطبيقه على كرتنا السعودية التي تملك مواهب فذة خارج إطار الوطنية، ومع أن تلك الحالات تجد رواجا/ نجاحا/ وقبولا بمختلف الجوانب تجاريا ودراسيا وعمليا، فإنها تستثنى كرويا من المشاركة الدولية. وأتساءل: لماذا لا يعطى مواليد الوطن فرصة الظهور الدولي بالصفة السعودية كتجنيس ولو على سبيل التجربة؟! تنقصنا الجرأة والثقة فقط صدقوني، فالوطنية ليست مجرد شعار أو هوية وإنما «تفعيل» وعطاء للانتماء.

[email protected]