زيمان معشوق الجماهير وعدو المسؤولين

روبرتو بيكانتيني

TT

«الويل للمهزومين».. بهذه الكلمات كان كونتي مدرب يوفنتوس يشجع لاعبيه خلال الموسم الماضي ليحثهم على التفوق على الميلان. لكنني لا أتفق مع هذه المقولة. إن التاريخ يصنعه حقا الفائزون، لكنه يذكر أيضا المهزومين، أو بعضهم على الأقل. وخير دليل على ذلك، منتخب المجر عام 1954 بقيادة بوشكاش وبوزسكيتش وهيديغوتي، الذي بقي في ذاكرة التاريخ رغم خسارته في نهائي المونديال أمام ألمانيا الغربية بقياد فريتز والتر.

ويعتبر زدنيك زيمان هو التأكيد على ذلك الأمر في إيطاليا. فلم يفز زيمان، الذي يبلغ من العمر 65 عاما، إلا بلقبين في دوري الدرجة الثانية (كان آخرهما الموسم الماضي مع فريق بيسكارا) ولقب واحد في دوري الدرجة الثالثة مع فريق ليكاتا. لكن عودته إلى مدينة روما وإلى نادي روما أثار الكثير من الحماس والأحكام المسبقة. وأظهرت المتابعة الكبيرة والحماس والتكهنات بشأن مستقبل الفريق مع زيمان أن الأمر لا يتعلق فقط بمدرب جيد يتولى تدريب فريق كبير؛ بل أثارت العديد من الأحاديث والتحليلات حول شخصية زيمان متعددة الجوانب. فهو مدرب ومعلم وناقد وخطيب مفوه وصاحب رسالة.. إنه كل شيء في شخص واحد.

لكن أهم ما يميز زيمان هو أنه حقا أستاذ في عالم التدريب. فجميع الفرق التي يدربها تستحق المتابعة، لكنني لا أؤيد أبدا أن يتولى زيمان تدريب فريق ينافس على اللقب. والسبب في ذلك هو طريقته في الأداء التي تعتمد على الهجوم، داخل الملعب وخارجه. ولذلك لم يكن من الغريب أن ينتقد زيمان مسؤولي اليوفي بعد فضيحة التلاعب بالنتائج عام 2006 وهو الذي نجح في إثبات جدارته بنزاهة وشرف وببذل الجهد الكبير مع الأندية الصغيرة في دوري الدرجة الأولى. ولم يقلل أبدا من شأن ذلك المدرب العظيم أن فريق روما قد فاز بدرع الدوري الإيطالي عام 2001 بعد رحيله وتولي كابيللو تدريب الفريق.

إن زيمان يقدم كرة قدم مغرية تعذب القلوب، نظرا لقدرته العجيبة على الفوز في المباريات الخاسرة والخسارة في المباريات المضمونة (لكن الحقيقة هي أن تلك الصفة قد قلت بعض الشيء في الوقت الحالي). ويدين كثير من المهاجمين بالفضل الأكبر لهذا المدرب صاحب النزعة الهجومية، لكن إنجازاته لا تقتصر على المهاجمين. فنيستا، ذلك المدافع الذي يبدأ مهمته بمجرد أن تنتهي مهمة المهاجمين، يدين له بالكثير أيضا. إن زيمان ليس موضة تظهر كل بضع سنوات، بل هو عالم بأكمله. وهو يمثل إحدى العلامات في الكرة الإيطالية رغم توليه تدريب العديد من الفرق وكثرة المرات التي أقيل فيها والتي تخلى فيها بنفسه عن تدريب بعض الفرق.

وما زال مسؤولو نادي بيسكارا يشعرون بالحزن على رحيل مدربهم لتدريب روما. إنني لن أنسى أبدا مباراة بارما وريال مدريد الودية في صيف عام 1987 عندما كان زيمان يتولى تدريب بارما. وانتهت المباراة بفوز بارما 1 - 2 وحمل الهدفان توقيع توريني وغامبارو وقدم زيمان درسا في فنون الكرة أمام النادي الملكي. لكن زيمان أقيل بعدها بفترة قصيرة من تدريب الفريق، وهو شيء معتاد في مسيرته. ولو أنني رئيس النادي الذي يدربه زيمان لوضعت إلى جانبه دائما خبيرا في التخطيط الدفاعي. لكن هذا قد يؤدي إلى فقدان أفضل ما يميز زيمان وهو الحماس والمبالغة والبحث عن المخاطرة في المباريات. إنني أتمنى مشاهدة زيمان والفرق التي يدربها لفترة طويلة. وبعد عودة ذلك المدرب «القديم» أتمنى أن أرى في يوم من الأيام زيمان في ثوب جديد أيضا.