معركة محبي الجابر وكارهيه المقبلة

موفق النويصر

TT

لا توجد شخصية رياضية في السعودية أثارت الجدل وانقسم حولها الناس بين مؤيد ومعارض، كما حصل مع اللاعب الدولي السابق والإداري الحالي والمدرب المستقبلي سامي الجابر.

الجابر الذي لم تكن لديه يوما شخصية صالح النعيمة القيادية، ولا مهارة يوسف الثنيان الفنية، ولا قوة أحمد الصغير التهديفية، كما أنه لم ينجح في أسر قلوب السعوديين كما فعل ماجد عبد الله، إلا أنه نال ما لم يستطع أن يناله أي من هؤلاء أو أي نجم سعودي آخر.

في ظني أن مشكلات الجابر بدأت بعد أن نجح في تثبيت نفسه في هجوم المنتخب السعودي خلفا للنجم الدولي الكبير ماجد عبد الله، ذلك الموقع الذي تعاقب عليه العديد من الأسماء أمثال: محمد سويد وحسام أبو داود وجمال محمد وعبيد الدوسري، إلا أنهم سرعان ما اختفوا عن المشهد الرياضي بعد فترة بسيطة من بروزهم، حيث لم ينجحوا في فرض أسمائهم بصفة دائمة على تشكيلة المنتخب كما فعل الجابر، الذي استمر في موقعه هذا حتى أعلن اعتزاله اللعب دوليا، بعد 4 مشاركات في 4 نهائيات لكأس العالم، والتسجيل في 3 منها، ومن هنا فقد نال سخط ونقمة كل من لا يرى غير ماجد عبد الله في هذا الموقع، حتى وإن اعتزل اللعب وتفرغ للتحليل الرياضي من الاستوديوهات المكيفة.

على النقيض من ذلك نجد أن الجابر حظي بدعم مطلق من أنصاره في المعسكر الأزرق، وتحديدا أولئك الذين يريدون شطب تاريخ ماجد عبد الله بأي آخر، ولكن كيف هو الحال لو كان هذا الآخر هو ابنهم المدلل سامي الجابر.

الأكيد أن هناك عاملين بخلاف مقدرة الجابر ومهارته الكروية، ساهما في بروزه خلال ربع قرن مضى، الأول مرتبط بسياسة إدارات نادي الهلال المتعاقبة، ممثلة في صبرها على نجومها ومنحهم الفرصة تلو الأخرى متى ما انخفض أداؤهم عن الحدود المقبولة، حتى عودتهم إلى حالتهم الطبيعية، والعمل على ضخ الدماء الشابة في فريقها الأول بشكل دائم، وبالتالي تخفيف الضغط عن نجومها الكبار، لتحويل عطائهم من الجهد البدني إلى استثمار خبرتهم الطويلة في إحداث الفارق لصالحهم.

الأمر الثاني هو خاص بالجابر نفسه، حيث يتميز عن أي لاعب سعودي آخر، سواء ممن عاصره أو سبقه أو حضر بعده، بأنه يمتلك طموحا وثقة بالنفس لا حدود لهما، إضافة إلى إجادته لتسويق نفسه بشكل جيد، ولا يألو جهدا في سبيل تحقيق ذلك، من إتقانه لأكثر من لغة أجنبية لتثقيف نفسه، ومتابعة تحصيله الجامعي، رغم عدم حاجته للشهادة، لصقل خبراته أكاديميا، وخضوعه لدورات تدريبية بجانب مشاركته مع كبار الأسماء العالمية في التحليل الفني لتوسيع مداركه الفنية، وبناء جسور من الود والاحترام بينه وبين رموز صناعة كرة القدم في العالم أثناء قبوله بمهمة تقديم ملف استضافة قطر لكأس العالم 2022، وعدم إغفاله لواجبه الاجتماعي تجاه الفئات ذات الاحتياجات الخاصة، وأخيرا انتقاله إلى أوروبا للعمل ضمن الكادر التدريبي لفريق أوكسير الفرنسي.

شخصيا أعتقد أن الجابر لو لم يكن في فريق كالهلال، لديه من الأنصار العدد الكبير، ولديه من الكارهين مثل ذلك، لما جوبه بهذه الحملات المحمومة من التشكيك والتقزيم لكل عمل يقوم به، والتي أجبرته مؤخرا على التصريح عنها للزميل مصطفى الآغا في برنامجه التلفزيوني «صدى الملاعب» على شاشة «إم بي سي»، بأنه لم يشعر يوما بالإنصاف في بلده، وأن معظم الإشادات التي نالها في حياته الكروية كانت من خارج الحدود.

واقع الحال يقول إن الجابر نجح في السير على الطريق الذي رسمه لنفسه، والذي أوصله لأن يكون أول لاعب سعودي يحترف في الخارج، وأول مدرب سعودي يحترف التدريب الرياضي خارج حدود الوطن.

لا يخالجني شك بأن أيام الجابر القادمة ستكون حبلى بالأحداث والمتغيرات، وستطاله سهام النقد والإشادة مع كل إنجاز يحققه أو تعثر يتعرض له بين معسكري المحبين والكارهين.

ولكن يقيني أن الجابر بما يمتلكه من طموح لن يتوقف عند هذه الخطوة، بل سيفاجئ الجميع بخطوات أخرى غير مسبوقة ستزيد من محبة محبيه، وغيظ الكارهين له.. فأي الفريق ستكون له الغلبة؟

[email protected]