مشكلة الهلال!

مصطفى الآغا

TT

في الوقت الذي انشغل فيه العالم ببطولة كأس أمم أوروبا التي شهدت مفاجآت من الأعيرة الثقيلة جدا ثم انتهت نهاية منطقية، وفي الوقت الذي تجاهل فيه العرب كأسهم الغائبة عن الوجود لعشر سنوات كاملة وكأنها لا تعنيهم لا من قريب ولا من بعيد (بشكل غريب ومريب)، فحتى الدول التي شاركت وعددها 11 لم يكن بعضها مهتما إعلاميا بهذه البطولة وكأنها شاركت بها «غصبا عنها»، ورغم وجود عشرات القنوات الرياضية الفضائية التي تعيد وتكرر بلقطات عتيقة لم يفكر كثير من القائمين عليها بتخصيص وقت لبطولة المفترض أنها تعادل بطولة أوروبا بالنسبة لنا كعرب (مع فوارق المستويات الفنية طبعا).. في هذا الوقت انشغل الهلاليون بهوية مدربهم الجديد الذي طغت أخباره على كأسي أوروبا والعرب، ويبدو أن الكثيرين يحكمون على الشخص من اسمه فقط أو من شهرته أو ضخامة راتبه، لهذا أجمع الهلاليون أو على الأقل أجمعت نسبة كبيرة منهم على استيائها من اختيار أنطوان كامبواريه لأنه حسب تعبير البعض «لا يليق بالهلال رغم أنه سبق أن درب باريس سان جيرمان»، وهو ما قيل وسيقال عن أي مدرب سيدرب الزعيم ما لم يكن من طينة غوارديولا ومورينيو وآليكس فيرغسون، وحتى الأسماء الكبيرة لم تسلم من النقد كما فعل البعض حين انتقدوا تعيين رايكارد مدربا للمنتخب السعودي فوصفوه بـ«المقلب» وهو الذي درب برشلونة ومنتخب هولندا وكان واحدا من أهم لاعبي العالم.

هنا تبدأ مشكلة الهلال وهنا تنتهي، وهي أنه ناد كبير وكبير جدا وله إعلام قوي وجمهور أقوى ولهذا الإعلام والجمهور على ما يبدو تأثيره الواضح على قرارات الإدارات المتعاقبة، وأكثرها تجاوبا مع رغبات الجماهير كما يبدو هي الإدارة الحالية.

وحتى قبل أن نرى «خير كامبواريه من شره» بدأ اللغط والغمز واللمز والكلام الصريح والمبطن حول المدرب الذي وصفوه بالعاطل عن العمل الذي جاء فقط من أجل المال وتم الاتكاء على ما قيل إنه تصريح لصحيفة «ليكيب» والذي وصفه رئيس الهلال الأمير عبد الرحمن بن مساعد بأنه «مجتزأ من سياقه وغير دقيق»، أي أنه لم ينف إجراءه، وهذا التصريح كان المدخل الذي أثار الكثير من الكلام مما دعا رئيس الهلال لأن يوجه رسالة عبر حسابه على «تويتر» استوقفني فيها مثلا استخدامه لكلمة «أرجوكم» ثلاث مرات متتالية عند طلبه مساندة الفريق، وأيضا استوقفتني عبارات مثل «التلفيق والتأليب والتأليف من بعض القلة»، وتأكيده أنهم تعاقدوا مع مدرب عاطل لأنه لو كان يدرب فما تمكنوا من التعاقد معه، علما بأن الرجل ظل عاطلا عن العمل كمدرب منذ 29 ديسمبر (كانون الأول) 2011 ولكنه يعمل محللا رياضيا وكان اسمه متداولا لتدريب المنتخب الفرنسي خلفا للوران بلان، إضافة إلى اهتمام عدة أندية فرنسية به، وكل هذا لم يقنع الكثير من الهلاليين الذين أعتقد جازما أن تأثيرهم هو الحاسم في بقاء أي مدرب من عدمه حتى ولو كان ناجحا، كما حدث مع الألماني توماس دول الذي «لم يبلعه الكثيرون ولم يهضموه» رغم نتائجه الجيدة، ولهذا قالها الأمير صريحة إن الجمهور هو من يساهم في نجاح أي مدرب أو إفشاله، وهذه الأخيرة يجب أن يتوقف عندها الكثيرون طويلا لأن فيها أحد مفاتيح مشاكل الهلال.