متى يتوقف التنفس؟!

أحمد صادق دياب

TT

* يبدو لي أن معظم مشكلاتنا في الوسط الرياضي هي مشكلات مادية، بالدرجة الأولى، ليس في نقص الدعم أو قلة الموارد، كما قد يتبادر إلى الذهن، ولكن لسوء أساليب الإنفاق، وعدم اعتماد مكاتب محاسبة قانونية معتمدة قادرة على إيجاد نمط رقابي محاسبي يمكن أن يحول دون سوء استخدام السلطة المالية في إدارات الأندية.

* صحيح أن كرة القدم تستحوذ على معظم الموارد المالية، ولكن الدلائل والمؤشرات، وبالذات فيما يسمى الأندية الكبرى، تؤكد أن هناك هدرا ماليا كبيرا كان من الممكن تجنبه، وبالتالي توفير الكثير مما يحول فيما بعد إلى مديونيات على الأندية.

* الأكيد هو أن الأندية الكبرى هي ضحية سمعتها الكبيرة وقوتها المالية المزعومة، وبالتالي فهي دوما أرض خصبة للاستغلال المتنوع من قبل الكثيرين، وفي بعض الأحيان من المنتسبين لإدارتها.

* فما تحصل عليه الأندية الأقل مكانة، أو في الدرجة الأقل من العروض المالية لبعض اللاعبين، لا يمكن مقارنته بالعروض نفسها على الأندية الكبرى.. وهنا ربما يكون كنوع من الحلول المقبولة، التعاون الكلي ما بين بعض أندية الممتاز والأولى له مبرراته وآثاره الإيجابية.. فربما يتمكن النادي الأصغر من جذب لاعبين بأسعار رخيصة جدا، ومن ثم يحصل التبادل مع النادي الكبير، وبالتالي استفادت كل الأطراف دون أن يكون هناك استغلال لوضعية واسم النادي..

* المشكلة الأخرى هي أن بعض الأندية لا تملك المحاور أو من يملك القدرة على التفاوض بشكل جيد، ويملك خاصية الإقناع، وتدفع تلك الأندية، في كثير من الأحيان، ثمن قيام رئيس النادي مباشرة بتلك المفاوضات، أو عضو الشرف المبالغ في مقدرته على المفاوضات.

* أعتقد أن من أهم مشكلاتنا التي نعانيها في الأندية الرياضية، النظرة «التهميشية» من قبل معظم رؤساء الأندية لأعضاء مجلس إداراتهم، فأغلبية الرؤساء متفردون بالرأي، مسيطرون على القرار، مبعدون للأعضاء، معتمدون في التنفيذ على أصدقاء شخصيين بعيدا عن الإدارة.

* وعندما يتفرد أحدهم بالقرار، في أي مجلس إدارة، لا يمكن إلا أن تتوقع أن أغلب النتائج ذات سمة مشتركة، وتتاح الفرص للمستغلين للدخول في العمق المالي للنادي الذي لا بد أن يترنح ذات يوم كنتيجة حتمية.

* ربما يكون واحدا من الحلول المهمة في هذا الخصوص أن تكون هناك إدارة محاسبة مالية مركزية تابعة للاتحاد السعودي لكرة القدم مهمتها الأولى ليس التدخل في شؤون الأندية المالية، ولكن مراقبة العمليات المالية والموارد ومعرفة الفروق وعدم السماح بتجاوز المداخيل... وأعلم أن هذا أحد شروط منح رخص الأندية، ولكن هذا الدور لا يكفي أبدا في ظل الهدر المالي المتكرر الذي يقوم بإغراق الأندية، ولا أحد يعلم متى يتوقف التنفس عن إحداها.. وقد لا يكون ذلك بعيدا، فالمؤشرات أصبحت أكثر وضوحا.