المدربون الكبار كالنجوم اللامعين.. هكذا يصل كابيللو إلى موسكو

أليساندرو دي كالو

TT

في إسبانيا، أدركوا وجود جيل من المشجعين الصغار شاهد منتخب بلاده يفوز فقط. فقد كبروا هكذا، أبطالا لأوروبا، والعالم، وأوروبا مرة أخرى.. أبطالا على كل المستويات، وأيضا مع منتخبات الناشئين المختلفة. المشاركة كافية لتحقيق الفوز، فقد صارت عادة، وأمر طبيعي. يعد فابيو كابيللو بالنسبة لنا، نحن الإيطاليين، مثل منتخب إسبانيا لأولئك الفتية. هو نجم غلاف مجلة «لينوس»، وهو يقين لا يتغير مع الوقت، مثل لون شعر المدير الفني المنحدر من مقاطعة سان كانسيان ديزونسو شمال شرقي إيطاليا. تمر الأجيال، ويظل كابيللو منذ 20 عاما في قلب المشهد، وحينما لم تكن توجد الجماليات بعد وينبغي التركيز على هدف من خلال عمل مؤكد، كانوا ينادونه هو.

والآن جاء دور الروس، الذين خرجوا محبطين من كأس أمم أوروبا ويشعرون بالحسرة لعدم الوصول إلى النسختين الأخيرتين من المونديال بألمانيا وجنوب أفريقيا. فتح الهولنديان هيدنيك وأدفوكات الطريق، ولا ندري إذا كان الرئيس فلاديمير بوتين نفسه هو من اقترح اسم المدرب الإيطالي. بالطبع لا يمكن للروس أن يسمحوا لأنفسهم بمزيد من الإخفاق، فالأمر يتعلق بالسمعة والتطلعات. في مونديال عام 2018 ينظمون المونديال في بلادهم، ولا بد أن يوجدوا في النسخة المقبلة بالبرازيل في غضون عامين.. مهما كلف الأمر. ولهذا السبب، اختاروا في النهاية، من بين ثلاثة عشر مرشحا، فابيو كابيللو الذي من المعلوم أنه لا يتقاضى مبلغا قليلا.. فاليقين ثمنه غال.

كان كابيللو قد بدأ الفوز مع الميلان للتو، في بداية التسعينات، وحول تركة أريغو ساكي إلى ذهب. الانتصارات تتحدث بوضوح: أربعة ألقاب دوري، ولقب شامبيونزليغ واحد. ويظل النهائي الذي فاز به على البارسا تاريخيا، لأنه سجل نهاية فريق الأحلام بقيادة المدرب يوهان كرويف. ومن هنا، يبدأ الاستدعاء الأول من جانب ريال مدريد. المنطق هو ذاته الذي حمل مورينهو إلى مدريد بعد 20 عاما، فمن يقهر برشلونة يستحق قيادة الفريق الملكي. وصار في «بيرنابيو دون فابيو»، وأسس شهرة مدير فني صارم وجاد، ولم يعبأ أبدا بالجانب الجمالي لكرة القدم، ويذهب للاستمتاع بالفن المعاصر في المتاحف أو يبحث عنه لدى هواة جمع النوادر. يعد كابيللو تطورا لأسلوب تراباتوني، فهو التطبيق المحَدّث والأكثر علمية من حكمة: «الغاية تبرر الوسيلة»، والانتصار يحرر الجميع. في حالتين فقط، لم يفز كابيللو على الفور؛ في العام الأول، وحدث ذلك خلال رحلة العودة إلى الميلان وبعدها مع فريق روما، الذي قاده على أي حال لتحقيق لقب إيطاليا في غضون ثلاثة أعوام. ما خلا ذلك، هو مجد، مع الألقاب التي فاز بها أو التي تم إلغاؤها في السنوات السوداء لليوفي.. مع الليغا الإسبانية التي حققها في المرة الثانية مع ريال مدريد.

منذ أيام قليلة مضت، رحب آندري أرشافين قائد المنتخب الروسي بالمدير الفني الإيطالي، قبل أن يعلن وزير الرياضة الروسي التعاقد مع كابيللو رسميا.. وهذا مؤشر. وهكذا، بصورة متزامنة، في إنجلترا، تمت تبرئة جون تيري من الاتهام بتوجيه إهانات عنصرية التي كانت قد كلفته شارة القيادة. وبهذه الشارة، انتهت مغامرة كابيللو على مقعد المنتخب الإنجليزي.. هي مغامرة غير سعيدة؛ أبرزها الإخفاق في مونديال جنوب أفريقيا والتأهل اللامع إلى أمم أوروبا، لكن لا يتم تقييم أي مدرب من خلال هذه التفاصيل. كان كابيللو محاصرا بعقد رائع، فالمدربون الكبار أشبه بالنجوم؛ قليلون، ومكلفون للغاية.. لكل منهم رؤية محددة الملامح بشدة. يستدعون فرانك غيري في كل أنحاء العالم ليطلبوا منه تشييد متحف على شاكلة متحف بلباو، بحيث يكون أكبر، وأحدث وأجمل، وهو يقدم الأسلوب نفسه مجددا. الأمر ذاته في كرة القدم بالنسبة لمورينهو، وغوارديولا وهيدنيك ومانشيني وفينغر وسكولاري، والشيء نفسه بالنسبة لكابيللو.. هذه هي «أوراق بيكويك»؛ أولى روايات تشارلز ديكنز، وإن كان التوقيع غائبا، فقد تم الاختيار.