تياغو سيلفا.. رحلة من التألق والإبداع مع الميلان

آندريا سكيانكي

TT

في تمام الساعة 6.45 من مساء السبت الماضي انتهت رسميا مغامرة المدافع البرازيلي تياغو سيلفا بقميص الميلان. وكان بيان النادي بهذا الصدد مقتضبا: «تعلن إدارة الميلان عن بيع بطاقة تياغو سيلفا إلى باريس سان جيرمان الفرنسي». منذ عدة أسابيع مضت، على الموقع الإلكتروني نفسه، كانت قد ظهرت كلمات لها نبرة مختلفة تماما بصدد اللاعب نفسه: «برلسكوني، رئيس النادي، قرر: تياغو سيلفا سيظل بين صفوف الميلان!». ولكن من المعروف أن القصص تتغير عناوينها فجأة: سلطة المال؛ 42 مليون يورو ( فقد دفع نادي باريس سان جيرمان كثيرا للظفر بخدمات سيلفا). وحيث إننا أدركنا منذ فترة أنه لم يعد هناك مفهوم «الأبطال الأعلام» في الأندية، ربما كان من الصحيح أن لا نخدع الجماهير بوعود لا يمكن لها أن تستمر.

الهبوط: وهكذا، الآن، ستتاح أمام كارلو أنشيلوتي في باريس تلك الفرصة التي لم يحصل عليها عندما كان مدربا للميلان وهي: تدريب تياغو سيلفا. أو بالأحرى: قام أنشيلوتي، بالفعل، بتدريب سيلفا غير أنه لم يتمكن من استخدامه داخل الملعب. وكان الميلان اشترى بطاقة سيلفا في ديسمبر (كانون الأول) 2008، وهبط إلى إيطاليا في يناير (كانون الثاني) 2009 وظل خمسة أشهر يتدرب بقوة دون أن تتاح له فرصة المشاركة في مباراة رسمية. في ذلك الوقت، في الواقع، لم يكن النادي الإيطالي باستطاعته تسجيل لاعب آخر من خارج الاتحاد الأوروبي لأن صفوف الفريق كانت تضم بالفعل لاعبين لا يحملان جواز سفر أوروبيا. وعليه، اكتفى أنشيلوتي بمراقبة سيلفا خلال بعض اللقاءات الودية وعشق فيه قوته البدنية ومهاراته الفنية وتنبأ له بمستقبل كبير بوصفه بطلا (كان كارلو يقول عن تياغو: من الممكن أن يصبح مالديني الجديد)، وفي نهاية ذلك الموسم ترك أنشيلوتي، عندما قرر توديع كل شيء من أجل الذهاب إلى تدريب تشيلسي، المدافع البرازيلي بيد إيدي خليفة ليوناردو. واليوم، بعد فترة طويلة من التودد، سيتمكن مدرب باريس سان جيرمان من معانقة ذلك المدافع الفذ الأكثر متابعة من جانب أهم الأندية. وحيث إن كارلو يعتقد دائما أن الفرق الكبيرة دائما ما تكون وليدة المدافعين الكبار، فمن الممكن القول إن عمل المدرب الإيطالي بدأ على قدم وساق.

ومن المثير للضحك التفكير بأنه لولا مدرب غير معروف اسمه إيفو وورتمان لما كنا اليوم نتحدث عن تياغو سيلفا بوصفه أفضل مدافع على كوكب الأرض. لقد كان لذلك المدرب الفضل في إدراك الإمكانات التي يتمتع بها سيلفا، بعد أن كان الفتى قد شارك لفترة لاعب قلب وسط، ثم على الأطراف بعض الوقت، وأحيانا مهاجما أيضا. وجاء وورتمان ليدفع بتياغو عصرا أساسيا في خط الدفاع، واليوم يتعين على كل عشاق سيلفا توجيه الشكر لذلك المدرب. كما ينبغي أيضا على هؤلاء العشاق (وكذلك سيلفا ذاته) توجيه الشكر إلى أطباء موسكو الذين تمكنوا في عام 2005 من إنقاذ أولا حياة اللاعب ثم مسيرته الكروية. يذكر أن سيلفا كان بحالة سيئة للغاية عندما كان لاعبا بين صفوف فريق دينامو الروسي: كان يلعب (ولا يلعب).. لم يكن يقف على قدميه. ولم يكن أحد يدرك ما يعاني منه اللاعب البرازيلي. تم إرسال سيلفا إلى المستشفى، وبعد فحوصات طبية دقيقة، اكتشفوا الأمر، وعالجوا اللاعب من شكل نادر من أشكال مرض الدرن (السل). ستة أشهر أمضاها اللاعب في غرفة، وحيدا، دون إمكانية للتواصل مع العالم الخارجي لأن خطر انتشار العدوى كان قائما. تياغو والبلاي ستيشن أو مع الكومبيوتر: هكذا كان شكل حياة سيلفا في عام 2005. وما إن خرج تياغو من ذلك الجحيم حتى عزز إيمانه بالله وأخذ ينظر إلى السماء قبل كل مباراة يخوضها: نوع من «الامتنان» يوضح أكثر من أي شيء آخر طبيعة روح هذا الفتى.