الكرة السعودية بين التصنيف الهابط و«الدوري» الصاعد

موفق النويصر

TT

مفارقة غريبة نشرتها الصحافة السعودية خلال الأيام الماضية، تمثلت في حلول المنتخب السعودي في المرتبة 101 كأسوأ تصنيف عالمي في تاريخه، وفي الوقت نفسه صعود «دوري زين» السعودي إلى المرتبة الخامسة عشرة عالميا والثانية آسيويا.

المعروف أن هناك علاقة طردية بين المنتخب القوي والدوري القوي، بمعنى أن المنتخب القوي هو نتاج دوري قوي، غير أن ذلك لم يتحقق مع الكرة السعودية، التي غابت عن نهائيات كأس العالم في 2010، وستغيب عنه في 2014، كما أن آخر علاقتها بكأس آسيا كان في عام 1996، عندما فازت بها في الإمارات أمام البلد المستضيف.

ولعل مقولة الدوري القوي والمنتخب القوي ليست دقيقة على إطلاقها، فها هو الدوري الإنجليزي يعد من أقوى الدوريات العالمية، حيث يستقطب إليه أبرز نجوم اللعبة من مختلف القارات، ومع ذلك يعتبر المنتخب الإنجليزي أحد أسوأ منتخبات القارة الأوروبية الكبرى، كونه لم ينجح خلال تاريخه الكروي الطويل في تحقيق بطولة أوروبا أو الوصول إلى مباراتها النهائية منذ انطلاقها في عام 1960 وحتى 2012، كما أنه لم يحقق كأس العالم سوى مرة واحدة عندما أقيمت البطولة على أرضه وبين جماهيره في عام 1966.

في مقابل ذلك نجد أن المنتخبين الدنماركي واليوناني نجحا في ما عجز عنه الإنجليز، وحققا بطولة أوروبا عامي 1992 و2004، رغم أن دورياتهما المحلية لا يمكن وصفها بأي حال من الأحوال بأنها من الدوريات القوية.

وهذا أيضا يتناقض مع التجربة الإيطالية والإسبانية والألمانية والفرنسية، التي تصنف دورياتها بالقوية، ومع هذا تحصد منتخباتها البطولات القارية والعالمية. ولفهم هذه الأحجية، وبالتالي التوصل إلى حلها، يجب تشخيص كل حالة على حدة لمعرفة مقومات نجاحها وأسباب تعثرها، والتي أراها في التجربة السعودية تتمثل في نجاح الأندية الكبيرة في استقطاب العديد من الكفاءات التدريبية المرموقة واللاعبين الأجانب الجيدين، الذين أحدثوا فارقا في مباريات الدوري، علاوة على أن الانتدابات المحلية التي نفذتها مختلف الأندية أسهمت في توسيع دائرة المنافسة بين الأندية.

غير أن أخطاء مثل ضبابية الرؤية العامة للرياضة السعودية، مع غياب الفكر الاحترافي عن ذهن معظم اللاعبين والإداريين، وما يصاحب ذلك من سوء في جدولة المباريات والبطولات، وتعدد المسابقات الداخلية والخارجية التي يشارك فيها الرياضيون بمناسبة وبغير مناسبة، وانتهاء ببيروقراطية الصرف المالي، جميعها أسهمت في أن يكون المنتج النهائي للرياضة السعودية (المنتخبات) سيئا للغاية.

لذلك إن أردنا أن نتقدم رياضيا، كما فعل غيرنا في باقي دول العالم، فما علينا سوى أن نسير على الخطى ذاتها التي ساروا عليها، وأن نتخلى عن حساسيتنا المفرطة تجاه استنساخ تجارب الغير، تحت وهم «الخصوصية السعودية»، التي لطالما وقفت حجر عثرة في طريق تقدمنا. الأكيد أننا لسنا بحاجة إلى إعادة اختراع العجلة من جديد، أو ابتكار حلول بديلة قد تعيدنا إلى نقطة البداية. ما نحتاجه فعلا هو وضوح الرؤية لما نريد أن نكون عليه في المستقبل، والدفع في سبيل تحقيق ذلك بإيكال المهمة لأهل الاختصاص، مع منحهم كل الصلاحيات والمقومات اللازمة لإحداث ذلك، من دون أن نتدخل في صميم عملهم بما يعوق تقدمهم.. فهل نفعل ذلك؟ إحساسي يقول لا، لكني أتمنى أن أكون مخطئا في ذلك.

[email protected]