المضاربون في الجولة الأولى

مسلي آل معمر

TT

على غير المتوقع، جاءت الجولة الأولى من دوري المحترفين قوية ومثيرة، حيث تنفس الصعداء كل من الاتحاد والنصر والهلال بالتعادلات أمام الرائد والفتح وهجر، وظهرت الفرق الثلاثة ذات الدخل المحدود أكثر إمتاعا وأقرب إلى الفوز، بل إن الهلال والاتحاد لم يدركا التعادل إلا في الوقت بدل الضائع. هذه الجولة ربما تعطي مؤشرا على أن مساحة المنافسة قادرة على استيعاب المزيد من الفرق، ففرق المقدمة أصبحت لا تقف بعيدا عن فرق الوسط، وهذا المؤشر يعتبر امتدادا لما أثبته الفتح في الموسم الماضي بمستوياته الرائعة التي قدمها.

الفوارق المادية بين الأندية الجماهيرية وأندية الدخل المحدود باتت لا قيمة لها في ظل فارق الفكر الإداري الذي تتميز به الأخيرة، فالفتح وهجر اللذان لا تتجاوز ميزانية كل منهما الـ20 مليون ريال قدما مباراتين أفضل من النصر والهلال اللذين تجاوزت ميزانية كل منهما الـ100 مليون ريال، بل إن أترام الذي تم التعاقد معه من قبل إدارة هجر بـ150 ألف دولار يتفوق فنيا (من وجهة نظري) على مهاجمي الفريقين الكبيرين، والأمر نفسه ينسحب على إلتون الذي أفضله على لاعبي الوسط في فريقي العاصمة. وهنا لا أبالغ إذا قلت إن الإيرادات الكبيرة التي أصبحت تتلقاها خزائن الأندية الكبيرة أصبحت وبالا عليها، في ظل سوء التصريف المادي، علينا فقط أن نقارن بين مستويات هذه الأندية قبل عقود الشركاء الاستراتيجيين وبعدها.

لا أريد أن أحكم مبكرا، لكنني أظن أن الأندية لا تستفيد من أخطائها، حيث تترك اللاعب الأجنبي المتاح والمعروف وتبحث عن البعيد المجهول، فعلى سبيل المثال لم يلب الأهلاويون مطالب كماتشو لمبالغته، ولا ألومهم على ذلك، لكنهم فرطوا في حسني عبد ربه وإلتون (المتاحين) وغامروا مع موراليس الذي لا نعلم ماذا سيقدم!.. كذلك استغنى النصراويون عن الحاج بوقاش (مدفوع التكاليف)، وجاءوا بمانسو بملايين الدولارات، والذي سننتظر ماذا سيفعل!

أندية الدخل المحدود تدار بطريقة الشركات العائلية التي يراعي مصالحها الملاك ويستثمرون بحذر، كل منهم رقيب على الآخر، يحرصون على سمعتهم، ويدينون لمنظومتهم بالولاء الشديد.

الأندية الجماهيرية تدار على طريقة شركات «الخشاش» المساهمة، حيث يستولي شخص واحد على جميع الصلاحيات، ولا يتنبه المساهمون لخسائرهم إلا في نهاية المطاف بعد أن يبيع الرئيس أسهمه ويترك السوق للبقية. وهنا أتمنى ألا يكون دور رعاية الشباب والاتحاد السعودي كدور هيئة سوق المال ووزارة التجارة، حيث تترك المضاربين يعبثون كما يريدون، ولا تطبق الأنظمة واللوائح إلا على الشركات البسيطة وصغار التجار!