نظرة للأولمبياد والحصيلة العربية!

هيا الغامدي

TT

طوى الإنجليز ومعهم العالم الصفحة الأولمبية بنجاح باهر للدورة التي أقيمت على أراضيهم الأيام الماضية مع الوعود بمشاركة أكثر نجاحا وتفاؤلا وإيجابية في الدورات القادمة، ومنهم «العرب» الذين تدنت نسبة حصادهم للميداليات لرقم ضئيل لا يليق بحجم ومكانة وسعة الأمة العربية الممتدة من الماء.. إلى الماء، أو من المحيط.. إلى الخليج!

وكتقييم للوضع بجد «كفانا تطبيلا» كإعلام عربي يفترض أنه إعلام (ناهض) بأهداف وأولويات ومسؤوليات وطموحات أمته لا كإعلام «مداهن»، أيعقل «يا عرب» أن ثماني دول تشارك لم تحقق سوى «12 ميدالية» فقط؟! وهو الرقم الذي يقل عما حققته دولة واحدة ولكنها تدرك أبسط أبجديات الجدوى الأولمبية؟!! وهل هذا مستوى طموحاتكم يا عرب من جملة المشاركات؟! حتى إن أغلبية الميداليات من الدرجة الثالثة أو «برونزية» عدا دولة أو دولتين فقط.

هذا ليس تقليلا من شأن المشاركة بقدر ما هو استشعار لوضعيتها وللنظرة الأولمبية العربية للألعاب المختلفة كإعداد وتجهيز وتهيئة لمختلف الظروف وتذليل العقبات لمشاركة أفضل بمحفل عالمي كالأولمبياد.

كترتيب أفضلية تأتي «تونس» أولى بذهبية للملولي أسامة، وفضية العداءة حبيبة الغريبي، كما تأتي «الجزائر» ثانية بميدالية العداء توفيق المخلوفي سباق الـ1500م عدو، و«مصر» ثالثة بفضيتين كرم جابر مصارعة والأخرى لعلاء أبو القاسم سلاح الشيش مبارزة، و«قطر» رابعة ببرونزيتين، معتز برشم قفز وثب عالي، وناصر عطية رماية، بينما حصدت أربع دول ما قوامه ميدالية برونزية وحيدة، كـ«البحرين» ميدالية أولى للعداءة مريم جمال سباق 1500م عدو، و«السعودية» فريق الفروسية سباق قفز حواجز، و«الكويت» أطباق الحفرة، و«المغرب» ميدالية أولى للعداء عبد العاطي أغادير.

وشهدت هذه الدورة الأولمبية اهتماما إعلاميا عربيا وعالميا منقطع النظير بعد مشاركة المرأة لأول مرة في كل من السعودية وقطر، وإن تدنى مستوى المشاركة عطفا على أبجدياتها وظروفها الابتدائية، لكن ما يهمنا ليس النجاح التنظيمي الذي حققه الإنجليز لبلادهم كاستضافة ودعم ووقوف من الجمهور البريطاني الذي أثبت عبره ارتفاع المستوى الثقافي لديه بدعمه للرياضيين الأولمبيين وتشجيعه للعبة والمهارة الجيدة أيا كان جنسها أو لونها أو عرقها، ولكن المهم تأطير المشاركة العربية بالكثير من الواقعية والقياس الحقيقي للمستويات والمأمول وأخذ المثال والقدوة من الدول المتقدمة أولمبيا كالولايات المتحدة والصين... بوضع الاستراتيجيات والخطط التي تضمن على الأقل مشاركة ناجحة وتكوين بذور أولمبية وزراعتها بجينات الأبطال منذ سن مبكرة عبر برامج معدة خصيصا لهذا الهدف، وهو ما ينقصنا كفكر رياضي عربي بعيد عن التوجيه الإسلامي المختصر بعبارة «علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل»، واقتصار الاهتمام بالألعاب الجماعية وخصوصا كرة القدم، وهي ما لم تقدم سوى الحضور الشرفي بهذا المحفل. في ظل بروز الألعاب الفردية وأصحابها الذين سجلوا أسماءهم بقوائم الأبطال الأولمبيين!

وما من شك في أن الاهتمام الأكثر بالألعاب الجماعية يحظى بدعم شعبي وإعلامي وجماهيري قد لا تجده اللعبة الفردية، التي لو دعمت بشكل أكبر لقدمت حصادا أكثر، وسأضرب مثالا لدينا كسعوديين بالفروسية على اعتبار أنها حظيت بميدالية «برونزية» بالأولمبياد، وكيف أسهم الاهتمام والدعم المباشر للفارس الأول سيدي خادم الحرمين الشريفين (أطال الله عمره) لهذه الرياضة تحديدا لما وصلت إليه وتكريمه للفرسان بوسام الملك عبد العزيز.

كل عام وأنتم بخير... وعيدكم مبارك.

[email protected]