غياب «المسؤولية الاجتماعية» فأنديتنا!

هيا الغامدي

TT

ضمن المسافة المتأرجحة بين «الغياب.. والتغييب» لتفعيل دور المسؤولية الاجتماعية بأنديتنا الرياضية يأتي التعطيل شبه الكامل، لإحدى ركائز شعار الأندية (رياضي. اجتماعي. ثقافي) وما ينطبق على الاجتماعي ينعكس على الثقافي على اعتبار أن تفعيل المسؤولية الاجتماعية رياضيا بأساسها «ثقافة» تنعكس على الإحساس والتنمية والانتشار.

مناسبات كثيرة تمر بالمجتمع الإنساني بأوقات اللحمة والروحانية كرمضان والعيد والحج تشتاق فيها النفس للتضامن والتكافل ومواطن عدة تفتقد للشعور بالتزاور والاجتماع والإحساس بالآخر كالمستشفيات والجمعيات الخيرية والتطوعية.. إلخ من مؤسسات العمل الاجتماعي التي تعج بالمرضى والأيتام وكبار السن، الذين هم بحاجة لإحساس كل مؤسسات المجتمع المدني بهم، وفق منهجية وبرامج اجتماعية وتنمية مستدامة تعكس الصورة الحقيقية للمجتمع السعودي المسلم، والواضح غياب المسؤولية الاجتماعية بأنديتنا نخص بالذكر منها الـ6 الكبار، ومدى استغلال أو «توظيف» لاعبوها للكم الكبير من الشهرة والنجومية التي يتمتعون بها بخانة «الخدمة الاجتماعية» والأعمال الإنسانية.

مؤسساتيا الاتحاد السعودي لكرة القدم أنشأ، قبل فترة زمنية، لجنة تعنى بالمسؤولية الاجتماعية، لتوفير برامج وأنشطة تعمل على دعم الأعمال التطوعية، ولكن الواضح حتى الآن أنه لا يوجد أي تفعيل حقيقي وواضح لمخرجات اللجنة أو بدء لنشاطاتها، وأتساءل ما إذا كانت تلك اللجنة مجرد لجنة «حبر على ورق» أو مجرد «منصب صوري» أو «لزوم» البريستيج الدولي المتعارف عليه ضمن هذا الإطار؟! في ظل غياب الوعي الرياضي والإحساس الإنساني كثقافة انتشار ووعي بصفة جمعية تحتاج للاشتراك ببنائه كل المؤسسات الاجتماعية، باعتقادي أن غياب ثقافة المسؤولية الاجتماعية لدينا دليل على وجود فراغ إداري متخصص لدى جهات مؤسسات العمل الرياضي، أو عدم قيامها بدورها كما يجب!

وعطفا عليه، أرى أن تنمية الإحساس بالمسؤولية الفردية يأتي انعكاسا وترجمة للمسؤولية الجمعية تجاه مواطن العمل الخيري والتطوعي ودعم المشاريع الإنسانية، وعطفا على تفعيل قوائم العمل المشترك والمتزامن بمنظومة الأندية المتواصلة (رياضي. اجتماعي. ثقافي).

وعندما نتحدث عن الرياضيين كأفراد، فبحكم كونهم القدوة التي يقتدي بها باقي أفراد المجتمع، فيجب أن يكونوا قدوة حسنة أيضا بأعمال البر والإحسان ولو بالمشاركة اللوجيستية المعنوية.

عالميا.. يحسب لنادي برشلونة الإسباني الأولوية والأسبقية بهذا الإطار بدعمه المعنوي من خلال وضعه لشعار (اليونيسيف)، المنظمة الإنسانية العالمية لرعاية ودعم الأطفال المحتاجين، الذين يعانون من الفقر والجوع والمرض وتبرعه المادي بما نسبته 7 في المائة سنويا من دخله، وهي النسبة الأعلى عالميا، يأتي بعده الاتحاد الدولي بـ5 في المائة وريال مدريد 4 في المائة ومانشستر 3 في المائة والاتحاد الآسيوي 1 في المائة.

كما أن نجوما عالميين كثيرين لا تنقصهم الشهرة ولا النجومية يولون الجانب الاجتماعي الإنساني أهمية بحياتهم الكروية، كرونالدو وفابريغاس وتشافي وميسي، الذي أنشأ مؤسسة خيرية بالأرجنتين تساهم بالتعليم والرعاية الصحية للأطفال المحتاجين.

محليا، لا أرى سوى الهلال، الذي يعتبر أول ناد سعودي وعربي ينشأ إدارة خاصة (بالمسؤولية الاجتماعية) تعنى بتنظيم وتوثيق الأعمال التطوعية والخيرية الاجتماعية وتبرعه بـ4.8 في المائة سنويا، تفعيلا لدور النادي الاجتماعي، وبالتالي يجب أن يحذو البقية حذو الهلال، الذي تشكر إدارته بخدمة المجتمع، التي هي خدمة للمليك والدين والوطن.

سنظل نتساءل عن غياب المسؤولية الاجتماعية بأنديتنا، ونحن المجتمع المسلم صاحب الخصوصية، وعلى اعتبار الأهمية التبادلية لنشر ثقافة الوعي، المنطلقة أساسا من الدعم المتبادل بين الرياضة والجمهور.

[email protected]