نعم لاحترام القوانين.. لكن ينبغي مراجعة القضاء الرياضي

أندريا مونتي

TT

تم تأكيد عقوبة كونتي، على الرغم من سقوط التهمة الكبيرة من بين اتهامين. ولم يتم التخفيف المتوقع والذي لا يعترف لأحد به أبدا تقريبا في محاكم استئناف كرة القدم. تظل عواقب فضيحة المراهنات في إيطاليا وخيمة بالنسبة لأنطونيو كونتي، مدرب اليوفي، على المستوى الرياضي، وأكثر من ذلك على المستوى الإنساني. والكرة الآن في ملعب المحكمة الرياضية الإيطالية، حيث القرار النهائي المنتظر، لكن كونتي، الرجل الحديدي، سيظل دائما نصف مذنب. بالتأكيد لم يكن طرفا في التلاعب القذر للغجر والكثير من اللاعبين، ومن بينهم كاروبيو الذي اتهمه، لكن مذنب لأنه لم يبلغ عن لاعبيه في مناسبة حدوث التلاعب.

هذا هو القانون، وهذا هو القضاء، وهذا هو الحكم. مثلما كتبنا مرات كثيرة، إن القضاء الرياضي لديه منطقه وليس من مهام الصحف الاشتغال به، لكن هذا لا يعني عدم التعليق على نتائجه، ليس لدي من العناصر ما يجعلني أصف حكم محكمة اتحاد الكرة بالخاطئ، كما لا يمكنني الجزم بأن كونتي قد أخبر بالحقيقة مطالبا ببراءته في الحوار المطول الذي نشرناه منذ يومين. وكان هو من رسم الآليات التي تحكم ردود أفعال الجمهور، حيث قال: جماهير اليوفي ستقسم دائما ببراءتي، بينما سيظل الآخرون يعتقدون أنني فاسد. محاولة التقريب بين هذين الاتجاهين المتضادين بتفنيد الحكم تعد مضيعة للوقت، وإن كانت عناصر التناقض لا تغيب مقارنة بحكم الدرجة الأولى وما قدمه مدعي الاتحاد بالاتسي من سرد للأحداث، والمكتوب لهما أن يثيرا الجدل طويلا. فإفادة كاروبيو لم يتم اعتبارها ذات مصداقية ي حالة الاجتماع الفني الشهير في مباراة سيينا - نوفارا، بينما تم الاعتداد بها في حالة ألبينوليفي - سيينا، حيث «العلم بالضرورة» بما حدث، مثلما ذكر مدرب أحماله حينها ستيليني. سقطت تهمة تكرار الجريمة، لكن بقيت عشرة شهور الإيقاف، بينما معيار عقوبة عدم الإبلاغ في كل الحالات التي تمت مواجهتها إلى الآن هو 6 شهور. لهذا لا بد وإن تمت إعادة صياغة الحكم على أساس أمر خطير ينبغي أن يتم الإعلان عن طبيعته بالتفصيل. وأتمنى أن يكون قد تم تقييمه بصورة سليمة. إذا كانت براءة بيبي وبونوتشي تخلي الساحة من الشكوك - غير المبررة - بوجود مؤامرة ضد اليوفي، فستكون مصيبة حقيقية الحديث عن مؤامرة (وهي الأسوأ بحسب أندريا آنييلي) ضد مدربه.

أحكام القضاء لا تنتقد وإنما تطبّق، هذا ما تخبرنا به مقولة قديمة، استخدمت وأسيء استخدامها من جانب الساسة ورجال القضاء. سواء كانت صحيحة أو سليمة، لا يتغير الأمر كثيرا. لكن الآن بعد أن سكتت الأفواه تقريبا، فإن عدم التفكير في كم علمتنا قضية كونتي من دون الدروس المستفادة من الخطأ والبراءة سيكون تغافلا لا يمكن التسامح فيه. يقال: القضاء الرياضي لديه قوانين مختلفة عن القضاء العادي، فلا بد وأن يكون أسرع وبالتالي أكثر إجمالا، علاوة على أنه، ينبغي الإقرار بذلك، ليس لديه وسائل شرطية، فالأمر يتوقف في جانب كبير منه على المستشارين ويصيبون دائما تقريبا. لكن إذا كان كرة القدم تشكل جزءا من حياة مجتمع، والفساد المستشري يؤكد ذلك، فلا يمكن أن يوجد قضاءان. تعلمنا جميعا معا أن البينة على من ادعى وليس المدعى عليه، وأن مصداقية المتهم تأتي من النقاش، وأن اتهام «العلم بالضرورة» يعد طريقا مختصرا غاية في الخطورة. لا يعني هذا أن كونتي بريء، وإنما ينبغي ببساطة التذكير بالمبادئ الأساسية للمثول أمام القضاء والذي، منذ ثمانية قرون، يحمي الحق في الدفاع. نفس فكرة الديمقراطية. تبقى مسألة أن كونتي تمت معاقبته دون أن ينظر قط في وجه من يتهمه، نفس قاعدة المسؤولية الموضوعية التي هي في كرة القدم رادع مهم، ولا يمكن عدم أخذ في الاعتبار ما تقدمه أي شركة رأسمالية من حيث الإجراءات والشفافية والموظفين غير الأمينين. الخلاصة هي أنه ينبغي التقريب بين القضاء الرياضي والطبيعي، من دون أن نشل المسار بقوانين مبالغ فيها أو بيزنطية. فهل ستكون هناك الشجاعة لمواجهة الأمر؟