النصر والهلال.. التصحيح والإقصاء!

هيا الغامدي

TT

على خلفية ديربي الكلاسيكو الإسباني بين ريال مدريد وبرشلونة، وإحراز الريال الفريق الملكي الأبيض لكأس السوبر الإسبانية عن جدارة واستحقاق، بفوزه المثير على الغريم الأزلي البرشا بالسنتياغو برنابيو، تأتي حيثيات صراع الديربي بين الهلال والنصر عطفا على المستويات المتواضعة لأحدهما وشبه المستقرة للآخر، فالهلال الفريق الذي اعتاد على حجز الصدارة والمقدمة مبكرا يقبع حاليا في المركز المتوسط الدافئ فنيا ضمن المنطقة الحرة بمستويات ونتائج لا تليق، تذكرني بالمستوى الذي قدمه الريال في بداية الدوري المحلي من مستوى متواضع، وإن كان قد استطاع التعامل مع زمنيات الوقت اللاحق بشيء من الذكاء الفني، أما النصر فيغلق رباعي المقدمة بالمركز الرابع الأقرب للخطورة الفنية!

نقاط عدة تجمع أشتات المنافسة المستمرة بين الهلال والنصر في ديربي أقرب ما يقال عنه أنه ديربي التصحيح و«الإقصاء»، فمسميات كثيرة وأوضاع عدة من الطرفين غير جديرة بالاستمرارية!! أجانب الهلال مثلا عدا المحترف الجديد المهاجم ويسلي لوبيز الذي قدم مستوى جيدا ولائقا، عداه ما الذي قدمه المحترفون «المحترمون» فنيا حتى الآن؟! فالهلال صراحة بات مؤخرا فاقدا «للهجة البيضاء الناصعة» والناجعة التي كانت تقدمها عناصره الأجنبية سابقا، مع ما تحتويه من تفاهم وانسجام و«هارموني»، بالمقابل أجانب النصر وقائمة مخرجاتهم الفنية يأتي منهم المحترف الجديد المدافع الأوزبكي شوكت، الذي ينتظر أن يقدم بهذا الديربي مستوى مأمولا، في الوقت الذي سيحرم فيه الفريق من خدمات لاعبه المتألق حسني عبد ربه للإصابة. وبين الكرتين الأوروبية والتي يتزعمها «الفرنسي» كمبواريه مدرب الأزرق، واللاتينية التي يتزعمها «الكولمبي» ماتورانا مدرب الأصفر، حوار خاص وحيثيات كثيرة ومتفرقات شتى يجمعها هدف واحد للوصول والتتابع، هذا بخلاف الحوارات المصغرة بالميدان التي تشكل في جزء منها جبهة للنقاش الحر وأسلوبا من أساليب تصفية الحسابات، يتقدمها وجود خالد عزيز بمنتصف المنطقة النصراوية مستعيدا ذكريات زمن مضى مع هلال لا يتعاطى إلا بالانضباط ولا يتعامل سوى بالالتزام! وفي الجهة المقابلة يقف الحارثي سعد وإشكالية الإقناع بالموهبة المختزنة في وقت الزمن الضائع والذهنية المتأزمة بقناعات ما لم يقتنع بشكل تختصر فيه فرص الزمن الضائع وتنتفي من خلاله جدليات الصراع شبه المحسومة!

في دوري جديد تحكمه استراتيجيات الوافدين الجدد ومتطلبات زمن الأقوياء، وفي دوري «فتي» يتزعمه الشباب والقوة لمن يحصد النقاط، يبقى كمبواريه كل مرة في مواجهة مستمرة مع مقصلة الإقصاء، مطالبا بالإقناع، وهو ما لم يصل إليه صراحة منذ تسلمه تدريب الهلال، وإن كان الوقت مبكرا، ولكن «ليالي العيد تبان من عصاريها»، خصوصا أنه لم يتعامل مع إمكانيات فريقه حتى الآن بشيء من التوظيف الجيد، وقبلها الفهم الواضح واستيعاب الإيقاع الفني والذهني لفريقه، وهو ما اتضح بكلام الكابتن ياسر القحطاني قبل أيام، كما أن في الفريق حلقة مفقودة هي سبب كل ذلك الضياع، تلك التي تربط بين المدرب واللاعبين والمدرب والإدارة! أخشى ما أخشاه أن تسهم تلك الحلقة في توسيع وتعميق الفجوة بين كل الأطراف ما لم يحدث العكس. الصافرة الأجنبية ستعاود ظهورها مجددا بالديربي وبدء الفراغات المعتادة من الزوابع والأسئلة المفرغة: لماذا وكيف وإلى متى، في الديربي الذي ينتظر منه إما التصحيح وإما «الإقصاء»، خصوصا لمن أصبح يستفيد أكثر مما يفيد النادي.

[email protected]