الثقة بالنفس

عبد الرزاق أبو داود

TT

قد يبدو لبعضنا أن السيد ريكارد مدرب فريقنا الوطني لكرة القدم يقوم بعملية «تدريبية روتينية»، وفي واقع الحال فإن أي مدرب يتسلم قيادة فريق كرة قدم إنما يقدم على عملية «بناء» من نوعية خاصة. فكل مدرب «فاهم» يتطور في ذهنه مفهوم خاص لكيفية «إعداد» فريقه. وقد شهدت كرة القدم تغيرات كبيرة مؤخرا، وأصبح البحث عن لاعبين «أفضل» عملية شاقة، بعد أن تزايدت بشكل مذهل حركة تنقلات اللاعبين، ولم تكن الساحة الكروية السعودية بعيدة عن ذلك، مما كان له آثار متضاربة على الأندية والفريق الوطني. كما أن البحث عن أفضل «الطرق الدفاعية» أصبح «شبه عقيدة كروية» لدى كثير من المدربين. وقد كانت كل هذه العوامل تشغل فكر ووقت ريكارد.. سعيا للوصول إلى تشكيل عناصري منسجم وقادر على تنفيذ المهام المطلوبة.

مثل هذه التغيرات، وتكثيف النقل التلفزيوني، وتزايد أعداد المشاهدين والنقاد، وتتبعهم، جعلت مهمة المدربين صعبة جدا، خاصة على مستوى المنتخبات والفرق الكبرى. وأظهرت بعض «الدراسات العلمية» أن عدة عوامل تدخل في إطار «العقيدة الكروية» لأي مدرب، وفي مقدمتها اللياقة البدنية، والحالة الذهنية، والانسجام، وإنجاز المهام الفردية والجماعية، والتواصل الفكري والفني، وزرع الثقة بالنفس. ونزعم كذلك أن أي مدرب يجب أن يكون على بينة بهذه العوامل، ويدرك أن هناك «فرقا» بين ما يريده هو من اللاعبين، وما يمكن لمجموعة من اللاعبين في فريق معين تقديمه عطفا على مهاراتهم الفنية ودرجات ذكائهم ولياقتهم البدينة والانسجام بينهم، وأحوالهم الذهنية والنفسية.

وقد قطع «ريكارد» شوطا لا بأس به مع فريقنا الوطني، ولا يزال ماضيا في العمل معهم في المستقبل المنظور، ولكن من دون خطة واضحة المعالم على ما يبدو.

يقول ريكارد: «نحاول تحقيق الانسجام واختيار أفضل العناصر وتفحص التفاصيل الفنية. وهذا من الممكن أن يحدث.. والآن (تكمن) رسالتنا في تحسين صورتنا وإظهار أننا في مستوى أفضل»، ويضيف: «من الصعب جدا على السعودية أن تنسى ما حدث في تصفيات كأس العالم الماضية، ولكن علينا أن نتجاوز ذلك».. حسنا.. فهل يفعلها ريكارد ويترجم كلامه إلى أفعال على أرض الواقع؟!

ومع تطلعاتنا إلى تمثيل مشرف (مع ريكارد)، ونتائج جيدة أمام إسبانيا خاصة.. فإن المسؤولية على عاتق اللاعبين قبل غيرهم، وكلنا ثقة في إمكانياتهم، ونسيان ما عدا ذلك من «اعتبارات جانبية» لا تمثل قطرة في بحر مصلحة الوطن وآماله! ولا لكل المحاولات الجانبية التي يمكن أن تؤثر على فكر ونفسيات اللاعبين. ولا نخال السيد ريكارد إلا مدركا لذلك فيما يتعلق بـ«بناء» الفريق الوطني بعد كل هذه الشهور التي أمضاها في بلادنا، عبر «إجراءات وفعاليات» متتابعة.. وحلقات وتطورات متصلة ببعضها.. وصولا إلى صورة نهائية ممكنة لنظهر بالمظهر الذي نصبو إليه مع الهمام ريكارد.