المحترفون ولبن العصفور

مسلي آل معمر

TT

كثيرون يرددون أن من أسباب تراجع الكرة السعودية ثراء اللاعبين السريع، وبالتالي توقف طموحاتهم، حيث من النادر جدا أن يستمر اللاعب بالمستوى نفسه حتى يتجاوز عمر الثلاثين، والواقع أن هذه الفرضية ينبغي أن تؤخذ بعين الاعتبار وتدرس من مختصين للتأكد من منطقيتها، وأنا أقول تدرس من مختصين أعلم أنني كمن يطلب لبن العصفور، لكنني هنا أطرح فرضيات، فلا مانع أن أطلق العنان لخيالي.

الواقع أن التركيبة كلها على بعضها توحي أن العمل الرياضي يدار عن طريق بعض الهواة الذين لا ينشدون التطوير، ولا يفكرون في التغيير، وإلا لتمت إعادة هيكلة لوائح الاتحادات واللجان كل 4 سنوات على الأقل، فعلى سبيل المثال كانت لائحة الاحتراف تقف في مصلحة النادي ضد اللاعب بشكل تام، وبعد التعديلات الأخيرة أصبحت تقف مع اللاعب ضد النادي وضد مستوى اللاعب على المدى البعيد، فأصبحت القوة التفاوضية بيد اللاعب ومدير أعماله، ليفتحا مزادا يحول اللاعب من مبدع إلى رجل أعمال لا يفكر إلا في يوم الاعتزال والتوقف عن الركض.

لائحة الاحتراف الآن تقف ضد عمل الأكاديميات وفئات الناشئين والشباب في الأندية، فاللاعب بمجرد بلوغه سن الـ18 يصبح حر التوقيع لأي ناد خارجي مع تعويض بسيط لا يذكر لناديه الذي تبناه، ربما من سن العاشرة ودربه وطوره، وهذا يعني أن الأندية مع مرور الوقت ستهمل العمل في درجتي الشباب والناشئين وما دونهما، لعدم استفادتها منها مستقبلا، وبالتالي سينعكس الأمر على الكرة السعودية بشكل عام، وللإنصاف أقول إن هذه المشكلة عالمية؛ فكل الأندية حول العالم تعاني منها بسبب قوانين فيفا، لكن هذا لا يعني أن تعمل لجنة الاحتراف على وضع ضوابط معينة مع تقديم المبررات لاعتماد التعديلات من الاتحاد الدولي. ومن الضوابط أن يوقع الناشئ أول عقد لمدة 5 سنوات مع ناديه الذي طوره وبمقابل محدود، وذلك لتشجيع الأندية على الاستثمار في تكوين اللاعبين الصغار، ولتجنيبهم (داء الثراء) في سن المراهقة.

ما يحدث الآن من بعض وكلاء الأعمال بخصوص ترحيل الناشئين إلى أوروبا، أستطيع وصفه بعمل حق يراد به باطل، فالهدف الظاهر هو تطوير اللاعبين في دول متقدمة كرويا، لكن تسجيلهم في أندية درجة ثالثة ودوريات ضعيفة، ينسف هذا الادعاء، والواضح أن الهدف تحريرهم من سطوة أنديتهم بإمضاء عامين سياحيين في بلد أوروبي ليعود اللاعب في سن الـ20 ليصبح حر التوقيع لأي ناد محلي، حيث سيفتح الوكيل المزاد على اللاعب، وتنكشف القصة من الألف إلى الياء.

الطريف في الأمر أن لاعبا مميزا وخبيرا مثل الفريدي لا يجد له مكانا في أي ناد أوروبي، في الوقت الذي يحترف فيه لاعبون مغمورون بعضهم يحتاج إلى خطاب تعريف بمهنته، إنها لعبة الكباري الموسيقية!