الكرة الإيطالية لديها بيرلو ولا تبحث عن آخرين مثله

أليساندرو دي كالو

TT

النماذج الناجحة عادة ما تجد حولها «قطيعا» من المقلدين. والتاريخ مليء بمثل تلك النماذج، خارج وداخل عالم الرياضة، من خرائط الأطلسي إلى «المكتشفين» البرتغاليين وحيل النجاح في غزو الفضاء، من الفقاعات الملونة والسكرية حتى أحدث أنواع الشاشات التي تعمل باللمس اللوحي، دائما ما كان هناك أشخاص يحرصون على تقليد وتجاوز النسخة الأصلية لتلك النجاحات. وقد حدث ذلك أيضا مرات كثيرة في عالم كرة القدم؛ فكل مدرسة لها خيوطها وطرقها. على مدار عشرات السنين، أنتج البريطانيون حراس مرمى يجيدون الألعاب البهلوانية، ولاعبي قلب دفاع يتسمون بالدقة مثل الخزائن، ومهاجمين على استعداد للتضحية من أجل كسر الأبواب المغلقة وإيجاد مرمى الخصم. وتقدم بهم الحال هكذا لأجيال متعددة. أما الحديث عن البرازيليين، على الأقل منذ زمن أبطال المدرب كارلوس ألبرتو، الذي فاز بكأس العالم على حساب إيطاليا في المكسيك عام 1970، مرورا بكافو قائد المنتخب البرازيلي السابق وصولا إلى مايكون وداني ألفيس، دائما ما تتميز البرازيل بلاعبي الجانب الأيمن أصحاب السرعة والقوة والمهارة مثل صانعي الألعاب. كانوا يتدربون بتلك الطريقة، كانت هناك ضرورة وراء ذلك.

وهنا المفارقة التي سنتطرق إليها من قريب. بيرلو كان لسنوات هو أفضل صانع ألعاب في العالم، كان يتكلم قليلا ويتعرض أقل ولا يتبادل إطلاق النار على المارة من حوله، كانت حياته مثل الصحراء بالنسبة لمن تقوم حياته على الثرثرة. ولكن هذا كان بيرلو، أفضل لاعب على كوكب الأرض. ومازال حتى الآن، رغم أنه تجاوز الـ30 من عمره، قادر على تحويل فريق جيد إلى آخر سوبر، كما أكدت بطولة الدوري الأخيرة التي فاز بها مع اليوفي والقفزة الهائلة للمنتخب الإيطالي في بطولة أمم أوروبا الماضية. في الواقع، لقد قفز المخضرم بيرلو بين أفضل 4 لاعبين في الموسم الماضي، في تصنيف الاتحاد الأوروبي لكرة القدم عن أفضل لاعب، خلف أنيستا واثنين آخرين من العمالقة ميسي وكريستيانو رونالدو. حقا بيرلو أستاذ.

المفارقة هي أن، في إيطاليا، ليس هناك أحد يعمل على اتباع ذلك الكنز. أمر غريب ولكنه حقيقي. ولتنظروا جيدا إلى تحركات الـ20 فريقا في سوق الانتقالات الصيفية الماضية. أين يوجد بيرلو آخر؟ من الفريق الذي يمتلك لاعبا مهاريا قادرا على توجيه إشارات المرور أمام خط الدفاع؟ قليلون من يجرؤون على ذلك، بل ربما ليس هناك أحد. يبدون مثل بقايا الماضي، أكثر من كونهم خيوطا جديدة. فريق فيورنتينا مع بيتزارو القديم وسيينا مع دا اغوستينو. وإذا ما بحثنا بالفانوس الصغير، وأمعنا التأمل، بإمكاننا العثور على لاعب كالياري، دانييلي كونتي، المستلهم من ظل والده برونو كونتي والذكريات الغامضة لفالكو فريق روما السابق.

أما دي روسي، فهو بطل آخر لا نقاش حوله، فيعد شيئا آخر. وفي فريق روما بقيادة المدرب زيمان، هناك اليوناني تاشتسيديس الذي يمتلك العيون والأقدام السليمة لقطع الكرات وتغير طرق اللعب. ولكن المشكلة بسيطة، في إيطاليا الاهتمام الأول لدى المدربين يكون دائما بحماية خط الدفاع بواسطة لاعب قادر على تشييد سد أمام الخصوم: إذا لم يكن يجيد الإنشاء، فينبغي التحلي بالصبر. دي روسي لاعب رائع، في هذا الصدد، لأنه يتمتع بإحساس عال بالوقت المناسب لقطع الكرة ولديه أقدام جيدة. ولكن الركض بالنسبة إلى لاعبي الوسط أمثال غارغانو ودي يونغ، أمر له معنى إذا كان لاعبو قلب الدفاع ذوو أقدام سامة، ورفقاء من نوعية تشافي وأنيستا. ولا أحد يستطيع المجادلة في أهمية وجود مدافعين قويين في الفريق. يكفي فحسب ألا تقدم مفاتيح اللعب إلى الشخص الذي يعض وينبح. ربما لن نتمكن هذا الصيف من الاستمتاع إذا كان لاعبا موهوبا ناشئا مثل فيراتي، نجم بيسكارا، الذي هاجر إلى باريس سان جيرمان. لقد انتزعه عنا المدرب كارلو انشلوتي، أوقات توليه تدريب الميلان، ذلك المدرب كان قد صنع من بيرلو صانع ألعاب أمام خط الدفاع. إنها اختيارات ملعب، وليست مسألة أموال فحسب.