نعم للتغيير

أحمد صادق دياب

TT

الفتح تحول إلى ظاهرة في كرة القدم السعودية، ليس فقط بسبب تصدره للمسابقة السعودية حتى الآن، ولكن بسبب قدرته على إثبات نظرية جدوى الثبات في كرة القدم، من خلال استمرارية إدارته وجهازه الفني لأكثر من خمس سنوات.. وهو الأمر الذي تفتقر له الأندية الأخرى كثيرة التغيير على كل المستويات، فالأندية الأخرى تئن تحت وطأة سرعة التغيير بناء على النتائج دون النظر إلى عامل الاستقرار المهم. فالفتح كان في موسم 2009-2010 في المركز الثامن بـ24 نقطة، وفي هذا الموسم يتصدر المسابقة بجدارة بعد خمس جولات تمكن خلالها من الفوز على الهلال والشباب، وهما من أكبر المرشحين للمنافسة على البطولة... أعتقد أن الفتح ظاهرة تستحق أن ندرسها بعمق، لا أن ننظر لها باستغراب وإعجاب فقط، فهو نتاج صبر محكم تفتقده الأندية الأخرى.

تقلب النتائج في الدوري ظاهرة صحية جيدة تشير إلى التطور النوعي الأفقي لدى الأندية، فنجران يخرج من هزيمة قاسية أمام الهلال بستة أهداف ليفوز على الشعلة بخمسة، والشعلة نفسه يخرج من صدمة الأهلي ليفوز على الوحدة على أرضه بثلاثية، والشباب يفوز خارج أرضه على الوحدة بخمسة أهداف، ليخسر على أرضه بالأربعة أمام الفتح، وهجر بعد مباراة تكتيكية جيدة أمام الأهلي في جدة يخسر على أرضه أمام الاتحاد، بينما الفيصلي الذي أبهر الجميع بأدائه أمام الاتحاد في جدة يخسر على أرضه من الشعلة، كل هذه النتائج تشير إلى أن الدوري يسير بالاتجاه الصحيح نحو التنوع في خريطة التطور الكروي بين الأندية.

لا يمكن لأحد الآن أن يتوقع نتائج المباريات مع أي طرف في الدوري.. وهذا مهم لكسر الهيمنة النفسية للفرق الكبرى.

ناصر الشمراني، كامل الموسى، كامل المر، عيسى المحياني، معتز الموسى، مختار فلاتة، أسامة هوساوي، سليمان الصبياني، ياسر القحطاني، ياسر الشهراني، سعود كريري، خالد ألغامدي، محمد السهلاوي، عبد المطلب الطريدي، كل هذه الأسماء للاعبين بارزين مع فرقهم أو المنتخب الوطني في فترات متقاربة جدا، وجميعهم يلعبون لفرق الطليعة السعودية الشباب والأهلي والاتحاد والهلال. العامل المشترك بينهم أنهم جميعا قدموا من ناديين هما الوحدة والقادسية..السؤال ليس لماذا فرط الناديان في هؤلاء النجوم، ولكن ما هو السر الذي مكن الناديين من إنتاج هذا النوع من النجوم بينما يصارعان دوما على مناطق المؤخرة في الكرة السعودية؟

أعتقد أن الإجابة على هذا التساؤل تكمن في عامل مهم هو البيئة المحيطة بالناديين.. فالوحدة هو النادي الوحيد المميز في مكة المكرمة، وبالتالي أصبح الوجهة الرئيسية والوحيدة لهؤلاء الموهوبين، والقادسية ناد شعبي في قلب منطقة تعج بالمحافظات الصغيرة المليئة بالمبدعين.

ربما هذا يؤكد أن هناك الكثير من المبدعين في المناطق الصغيرة الذين يحتاجون إلى مراكز قادرة على اكتشاف المواهب المتوفرة بكثرة في كل أراضي المملكة.