النصر والوحدة الأسوأ

محمود تراوري

TT

قدم ياسر الشهراني نفسه ببهاء، يخشى معه أن تترصده فخاخ النفخ والتضخيم، فتخسر الكرة السعودية، اسما واعدا في زمن قلت فيه المواهب الحقيقية حد الندرة، وقدمت الفرق المحدودة الإمكانات والبعيدة عن المركز (هجر، الفتح، الشعلة) أنفسها بشكل اجتهادي طيب ومستحق للاحترام، بينما مقابل الأسوأ الذي قدمه فريقا التاريخ والعراقة (النصر، والوحدة) مع الأخذ في الاعتبار فارق الإمكانات بينهما، حيث يمكن تصنيف الوحدة كإمكانات إلى جوار الفتح وهجر والشعلة، وهذا ما طرحته مرارا، وملخصه أن الوحدة لم يبق منه إلا التاريخ بدايات وتأسيسا، أما واقعا فهو ليس مختلفا عن بقية الفرق الصغيرة في إمكاناتها المادية. بينما تبقى الفرق الكبيرة مستوى وإمكانات (الأهلي، الهلال، الشباب، الاتحاد).. في مرحلة الإحماء والتسخين، ولا يمكن الجزم بما ستؤول إليه النهايات، حتى وإن كانت «ليالي العيد تبان من عصاريها»، فاللعبة لما تبدأ بعد بشكل يبرر التقييم.

هذا تقريبا - عندي - أبرز ما يمكن الخروج به كعناوين لملامح الدوري السعودي، عقب الجولة الخامسة التي اختتمت أمس بُعيد كتابة هذه المقالة. وإذا كان الهلال قد بدا شبه تائه، والاتحاد أقرب لأن يكون أعرج، والشباب والأهلي أكثر ثقة، فإن الوحدة والنصر - في تقديري - هما الأكثر إيجاعا لأنصارهما، لما لهما من عبء تاريخي يثقل كاهلهما، ويعبران بامتياز عن كيف يمكن أن يكون التاريخ هما ثقيلا يربك أي مساع أو محاولات لاستعادته - التاريخ - ويحدث تشتيتا مريعا لصناع القرار فيه، ويؤجج مشاعر مناصريه وقياداته، وهنا مأزق هذين الفريقين، اللذين لا أظن أنهما سيغادران هذا المنعطف قريبا، إلا إذا شهدا عملية تغيير جذرية، تنهض بعيدا عن الوصاية، والاحتقان، وتنسف أنماط التفكير التي تدير دفتهما منذ سنوات، لخلق حالة عطاء تستفيد من معطيات ما جرى على مدى كل هذه السنوات.

ولعلي أميل هنا إلى اتخاذ تجربتي الأهلي والشباب كأقوى أنموذجين للفرق التي يمكن أن تعمل بهدوء وروية، وترسم سياسات مستقبلية لانتشال الفريق من الوضع المزري نحو ما هو أفضل، فالشباب أتى من المناطق الخلفية بداية التسعينات الميلادية، مع مجهودات خالد بن سعد، وفرض نفسه، فظل في دائرة الأقوياء على مدى أكثر من عقدين، وقدم نجوما لا تنسى في عالم الكرة السعودية، ناهيك بما رصع به جبينه من بطولات، بعيدا عن ضجيج الجماهيرية وغواية الشعبية وسذاجة الألقاب المجانية الطفولية، وهذا ما يفعله الأهلي في الثلاث سنوات الأخيرة. مما يدفع بالسؤال عاليا، وبعض الأسئلة موجع، هل ما يحدث للوحدة والنصر، أمر طبيعي ينطلق من حتمية دورة التاريخ؟