«ودية إسبانيا».. في الاتجاه الصحيح للتصحيح!

هيا الغامدي

TT

برؤى متعددة وطموحات مختلفة وإشكاليات كثيرة، يلعب منتخبنا السعودي الأول الليلة مباراة ودية من الوزن الثقيل، حيث يلاقي المنتخب الذي يمثل بطل العالم وبطل أوروبا وأفضل فريق كروي في العالم حاليا كمصنف أول. وبصراحة أحسن ريكارد والقائمون على المنتخب بهذا الاختيار الذي لطالما طالبنا بأن يكون ضمن الخيارات الواسعة أمام المنتخب، وهو ملاقاة فرق كبيرة ولها سمعة دولية تخرج عن الإطار الضيق الذي كنا محصورين فيه مع الأردن والعراق وقطر.. إلخ.. مع أن تلك المنتخبات أصبحت تفوقنا وتتفوق علينا في التصنيف الدولي (زمن المفارقات العجيبة)، حيث أصبح كل شيء ممكنا!

عودة الفكر التخطيطي والمنهجي كرؤية للمنتخب السعودي واستغلال الأيام التي يحددها الفيفا لإقامة مباريات فنية ودية (على وزن) مؤشر جيد على بدء العمل الصحيح الإداري والفني بمنتخبنا، ولعل الإيجابية التي ننظر إليها من وراء لقاء إسبانيا ليست بالوهج الإعلامي المصاحب، ولكن بالمغزى الفني الذي بإمكانه تغيير صورة المخبر والمظهر لكرتنا السعودية إذا ما استمررنا في نفس الاتجاه. قديما قالوا «اللي ينظر لفوق يتعب»، وبعيدا عن هذا المثل برأيي أن النظر للأعلى باستطاعته تحقيق القفز والارتقاء وتحسين الصورة، فتحديد سقف الطموحات دائما بإمكانه قتلها ووأدها بمحلها، والفضاء واسع والميدان للجميع.

محزن حد التعب التراجع المستمر لتصنيف منتخبنا الدولي، ولم يعد من المقبول أو المعقول الاستمرارية على منهجية «إلى الوراء سر»!.. ودية إسبانيا مهمة حتى مع الفارق الفني الكبير وانتفاء وجود ميزة المنافسة على النتيجة، مع أنه ميدان وعليه كل الأماني مشروعة والشباك مشرعة أبوابها لمن يجيد قنص الهدف! لكن الأهمية بالمغزى المعنوي ومن ثم الفني من تلك الودية التي هي برأيي محاضرة كروية نموذجية يقدمها اثنا عشر محاضرا للاعبين، بمن فيهم ديل بوسكي، ومجموعتنا الدولية الحالية في معظمها شبه شابة تنقصها ميزة الاحتكاك الدولي الكبير والأجواء المونديالية التي كنا قد افتقدناها كثيرا وأخيرا!!

سمعة المنتخب السعودي (تاريخيا) ومسمى ريكارد وثقله وشعبيته بإسبانيا كمدرب سابق لـ«البارسا»، كل ذلك قرب المسافة لتحقيق حلم اللقاء الودي مع بطل العالم على أرضه، وهو الذي يستعد لإكمال التصفيات المؤهلة لكأس العالم الجديدة، وأيا كانت النتيجة فالفائدة الفنية هي الأهم، خاصة أن الماتادور سيلاقي الأخضر بلاعبيه الأساسيين (فيا وإنييستا وتشابي وفابريغاس وتوريس...)، وكل منهم يمثل منهجا كرويا مستقلا بحد ذاته، وبالأغلب المنتخب الإسباني خليط نموذجي من نجوم البارسا والريال، وإن كان معتمدا بطريقته الفنية على برشلونة كأكثرية عددية ينقصها وجود ميسي!

فضلا عن قوة الخامة الفنية الذهنية والمعنوية للمنتخب الإسباني، يأتي الفكر العالي كرؤية الممزوج بالطموح الذي هو بلا حدود لمدربه ديل بوسكي وهو يقول: «لا يوجد فريق لا يمكن التعامل معه أو التغلب عليه.. لا أحد يصدق ذلك.. نحن أيضا يمكن أن نخسر لكننا الآن في عصر الأداء الأفضل»!

بالتوفيق للمنتخب السعودي بسلسلة ودياته، نعم نحتاج لتلك المباريات القوية لإعادة الاتزان المعهود والهيبة المفقودة للمنتخب، وأيضا للرئاسة العامة لرعاية الشباب ممثلة برئيسها الأمير نواف، وسلسلة التعيينات الجديدة التي طالت أسماء عدة بأعلى هرم رياضي. شكرا نواف، وبالتوفيق والسداد للرئاسة خلال المرحلة المقبلة بما تحتاجه من فكر حيوي منهجي تخطيطي متطور (شاب) يلائم المرحلة وفق الخبرة المحيطية بالأحداث الرياضية.