كامل الأوصاف!

عبد الرزاق أبو داود

TT

أن يكون حكم كرة القدم ناجحا في اجتياز دورات التحكيم موضوع حتمي.. لكن مشكلة التحكيم والحكام تكمن في «تطبيق» القانون بتعديلاته الآنية، وقدرة الركض والدقة والمتابعة. الحصافة في تطبيق القانون قضية كل حكم في كل الرياضات وخاصة كرة القدم، ولذلك فإن وجود حكم «مثالي» مطلب صعب لأن تطبيق «الحصافة» في ظل الضغوط وتأثيرات الإعلام، والإجهاد والخوف، عوامل مؤثرة تجعل الحكم «ضحية» مهما بلغت نسبة نجاحه.

لن يوجد «الحكم المثالي» في كل مباراة في ظل العوامل السابقة مهما تطورت وسائل التدريب وتعديلات قوانين اللعبة حيث يتغلب العامل البشري! فمنذ زمن وأخطاء الحكام تتكرر ليس لأن الحكم بشر وإنما لأننا بحاجة إلى «الحس الفطري» والقدرة على فهم نصوص القانون وروحه.

من طرائف التحكيم «لدينا» أن «أحدهم» أنهى شوط المباراة الأول بعد نصف ساعة وهمّ بمغادرة الملعب فاحتج الفريقان والإداريون والجمهور ونزل مراقب المباراة ونبهه إلى الخطأ وعاد الرجل واستكمل بقية الشوط! و«آخر» هدد فريقا بأكمله بالطرد إذا لم يتوقفوا عن الكلام مع بعضهم بحجة أنه لا يفهم عليهم جيدا وكان يظن أنهم يشتمونه! و«ثالث» طلب من مساعده سؤال الحكم الرابع عن نتيجة مباراة أخرى كانت تجري في الوقت نفسه قبل ظهور النقل التلفزيوني، وما إليه من جولات وغيرها.

* كان ذلك يجري ولم يتحول بنا الوضع إلى كل هذا التشنج الذي وصلنا إليه، لأن كثيرا من حكام كرة القدم كانوا يمثلون في تصرفاتهم الميدانية نوعا من «الأبوية» والتعامل بروح طيبة ومرحة، فقد كانوا يتحلون بالكثير من ذلك رغم الأخطاء. كان النصح والتحذير ديدنهم وربما تغاضوا قليلا أحيانا.. ولكن الصدور لم تكن مليئة بـ«الضغينة»، ولم تظهر أجهزة وكاميرات الرصد العصرية التي وضعت حكام كرة القدم أمام «مقصلة» جماهيرية نقدية، الأمر الذي أدخل جماهير الأندية في حالات احتقان وتجاذب غير مسبوقة.

ما الحل؟ فكثيرون يتساءلون، غير أن الفطرة السليمة وروح القانون والإلمام واللياقة والاستعداد والبعد عن المؤثرات والشجاعة تبقى هي الفيصل في قرارات حكام كرة القدم، ويظل سادة الملاعب عرضة للخطأ لكونهم بشرا، ونظل نحن عرضة للخطأ في الحكم عليهم بإجحاف في حالات كثيرة. وكان الله في عون الجميع، فلن يتغير شيء ولو جئنا بكل حكام كرة القدم في أوروبا، فكلنا «محللون».. وكلنا منتمون.. وكلنا يحب فوز فريقه.. وعندها يكون التحكيم بخير، ولدى الخسارة ينفجر ما حولنا هجوما وسخرية!

الاختلاف في تفسير قانون كرة القدم أحد أهم العناصر التي أضفت مزيدا من الإثارة والتشويق على اللعبة.. وستظل كذلك إلى أجل غير معلوم، فكرة القدم تمارس اليوم بهدف «الكسب» المادي، فذلك زمن مضى، وانتقلنا إلى العنف و«التحليل» و«تصيد» «الحكام» والتغافل عن «الأخطاء الحقيقية» التي يرتكبها بعض اللاعبين والمدربين والإداريين والتي أدت إلى خسارتهم!