الفتح وقانون بلاتيني

مسلي آل معمر

TT

ما زلت عند رأيي الذي كتبته هنا عدة مرات حتى مل منه المصححون اللغويون في الجريدة (لأنهم القراء المواظبون على قراءتي)، وهو أن من أسباب تدهور الكرة السعودية: ارتفاع أجور اللاعبين، وتضخم الديون، وتعاقب الإدارات غير المحترفة على كثير من الأندية. ورغم الخلل الواضح الذي تعانيه رياضتنا، فإن الجهات الرسمية ممثلة في الرئاسة العامة لرعاية الشباب والاتحاد السعودي لكرة القدم، ظلتا واقفتين أمام هذا التراجع المحير دون أن تبحث الأسباب أو توجد الحلول.

قانون اللعب المالي النظيف الذي يطبقه الاتحاد الأوروبي حاليا بقيادة ميشال بلاتيني قد يكون هو الحل الجذري، وهو باختصار قانون يلزم الأندية بالصرف في حدود الإيرادات لتجنيبها الديون الكبيرة، بعد أن تجاوز إجمالي ديون الأندية الأوروبية المليار يورو، والواضح أن اتحاد بلاتيني تنبه للرؤساء الأثرياء الذين أغرقوا الأندية بالديون ويوقعون الصفقات بالآجل وذلك على الطريقة «الكحيلانية»، فقرر أن يضبط الأوضاع المالية قبل أن تنهار صناعة الكرة.

من أهداف قانون اللعب المالي النظيف أن لا توقع الأندية صفقات تفوق إمكاناتها المادية وتهمل الصرف على الناشئين والشباب، والإيفاء بالتزامات اللاعبين الحاليين، أيضا لسد الفجوة بين الأندية الغنية ونظيراتها الفقيرة، وهذا ما يسهم في ارتفاع حدة المنافسة، وعدم تكديس المواهب والنجوم في أندية محدودة.

إذا فتشنا في دوري المحترفين السعودي، قد لا نجد من أنديتنا من يطبق قانون اللعب المالي النظيف سوى الفتح، فهو على الأرجح النادي الوحيد الذي تتحرك إدارته في حدود إمكاناتها المادية، مما أدى إلى تطور الفريق ونتائجه موسما بعد آخر حتى أصبح متصدرا للدوري هذا الموسم إلى جولته السادسة. لقد تنبهت إدارة الفتح لقانون اللعب المالي النظيف قبل أن يدفعها إلى ذلك اتحاد الكرة أو الاتحاد الآسيوي فتفوقت على أندية الرعايات وميزانيات مئات الملايين، والحقيقة أنها تجربة نموذجية ينبغي أن تكون درسا لمن ينشد التطور والنجاح في الأندية الأخرى.

لا جدال لو أن لجنة الاحتراف تطبق موادها بصورة دقيقة إزاء تسديد رواتب المحترفين، وإغلاق ملفات المطالبات المالية، وإلزام الأندية بتسليم الرواتب عن طريق البنوك، أقول لو أنها التزمت بما سبق، لا جدال أن الدوري سيكون أكثر تنظيما ولما سمعنا نغمة الديون والشكاوى والمطالبات التي صدعت الرؤوس ومزقت المسامع.

قبل أن أختم هذا المقال، من المفترض أن أكون صادقا معكم وأقول إنني أكتب هنا تأدية واجب وتنفيذا للالتزام؛ أما أن يتغير الوضع، فلا أخفي أن أملي في ذلك لا يزيد على أملي في نجاح برنامج «الصقر الأولمبي»!