برامج الـ(شو) لا تؤسس معرفة

محمود تراوري

TT

يقضي الموسيقار غازي علي – أحد صناع تاريخ الأغنية السعودية - ومنذ سنوات ما بين ساعة وساعة ونصف وهو يمارس الرياضة في ناد خاص، فيتجدد فيه كل شيء، ويشعر ببهجة الحياة كما يقول وهو في سن الـ76، بينما مجايليه (هكعوا) حسب تعبيره. بينما توصل باحثون في أميركا إلى أن معدل الجلطات بين البالغين الأقل من 55 عاما تضاعف تقريبا بين عامي 1993 و2005، مشيرين إلى أن أسلوب الحياة يجعل الأصغر سنا أيضا عرضة بشكل متزايد للإصابة بالجلطات، ما لم يمارس الرياضة، ولو مشيا لمدة نصف ساعة يوميا على الأقل.

المتأمل في نمط وأساليب حياتنا اليومية هنا، لا يجد كبير معاناة في رصد أخطاء تفضي إلى مصادرة بهجة العيش، بدءا من طبيعة الأكل ونوعية الغذاء، وبقاء الرياضة (ظاهرة صوتية) دونما ممارسة، خاصة في الثلاثة عقود الأخيرة التي مال فيها المجتمع إلى الاسترخاء، وقلت الحركة، حتى داخل المنزل بالنسبة للمرأة التي ألقت بكل أعباء البيت على عاتق (الست الشغالة)، فاستشرت البدانة التي شكلت واحدا من أهم عوامل الخطر على صحة الإنسان إلى جانب ارتفاع ضغط الدم والسكري الذي كثيرا ما قالت الدراسات بارتفاع معدلاته في منطقة الخليج برمته.

ما توصلت إليه الدراسة يؤكد أهمية إتباع أسلوب حياة صحي وأن البالغين الشبان يجب ألا يظنوا أنهم «لا يقهرون» وعليهم أن يذهبوا إلى الأطباء إذا كانوا يعانون بالفعل من مشاكل صحية مثل ارتفاع ضغط الدم أو نسبة الكولسترول، وهذا هو الجانب الغائب – في تقديري - من جل البرامج الرياضية، التي لم تلتفت يوما للجانب التثقيفي، والتوعية الصحية، إذا استكانت لـ(الشو) الذي لم ننل منه إلا تأجيج الاحتقان في المشهد الرياضي، والانصراف للهوامش والتوافه.

أعرف أن اتخاذ أي خطوة نحو ما هو عميق وحقيقي لإنتاج برامج رياضية، تعوزها موازنات كبيرة، ورؤية مشعة، ويرفد هذا بطبيعة الحال كوادر صحافية مؤهلة مهنيا من كل الجوانب علميا ومعرفيا، وأدائيا، وممتلك لما يفترض أن يكون عليه الصحافي الحق، على خلاف ما هو واقع لدينا، إذ غالبية العاملين في هذه البرامج آتون من دروب الهواة، وأحيانا من البوابة الخلفية للتعصب والمحسوبيات وأشياء أخرى.

عندما تقل مساحة البرامج الرياضية التي تؤسس معرفة، وتبني وعيا، لا تنتظر أو تتوقع أن يكون لنا حضورا فاعلا ومنافسا في المحفل الدولي، بل نظل نخوض دائما في الحلقة الدائرية من جلد الذات الذي بتنا نتقنه تماما عقب كل دورة أولمبية أو بطولات كبرى، والمشكل الحقيقي يكمن في تأسيس الوعي المرتبط بعوامل كثيرة لا تخفى على كل فطن من أولي الألباب.