ما مدى تأثير غياب كونتي على أداء اليوفي؟

ميركو غراتسيانو

TT

إن متابعة المباريات من المدرجات تبدو شيئا ممتعا، لكن متابعتها من على مقعد المدرب تسمح للمرء بالتدخل والتأثير في أحداثها. وثمة مباريات يحتاج فيها اليوفي بشدة لتدخل المدرب كونتي الذي يتابع فريقه من المدرجات نظرا لإيقافه بعد تورطه في قضية التلاعب في النتائج والمراهنات غير الشرعية. وظهر واضحا في مباراة دوري الأبطال أمام شاختار دونيتسك أن غياب كونتي «الجسدي» عن الفريق أثر كثيرا على أدائه وأسهم في زيادة الصعوبات التي واجهها في المباراة.

ولا تتمثل المشكلة في مساعده كاريرا الذي يبذل قصارى جهده لتعويض غياب المدرب الأصلي ويحظى بإشادة الجميع، بل المشكلة هي أن كونتي مدرب فذ وعندما يجلس على مقعد المدرب يبدو وكأنه يلعب مع الفريق. وهكذا يتأثر اليوفي حاليا بغيابه بصورة واضحة. وبعد أن أصدرت المحكمة الرياضية قرارها بتخفيض العقوبة لتنتهي بين شهري ديسمبر (كانون الأول) وفبراير (شباط) القادمين سوف يستمر غياب كونتي لشهرين قادمين فقط. لكن اليوفي في أفضل الظروف سوف يخوض المباريات الأربع المتبقية في دور المجموعات بدوري الأبطال وكذلك المباريات المهمة القادمة في الدوري من دون مدربه. وهو ما يعني أن جزءا مهما من الموسم سوف يمر قبل أن يتمكن كونتي من العودة للعمل بشكل طبيعي مع الفريق.

وقد ظهر واضحا أن اليوفي يسير في الدوري الإيطالي بالقيادة الآلية، إذ يعرف الفريق تلقائيا ما ينبغي عليه عمله وينجح في تنفيذه والتغلب على منافسيه بسهولة ويسر. وقد حدث هذا أيضا في مباراة فيورنتينا وهي المباراة الوحيدة التي لم يفز بها الفريق، حيث سيطر لاعبو اليوفي على مجريات اللقاء، ولم يمنحوا الفرصة لمنافسيهم لتسيد الملعب إلا لدقائق قليلة وهي التي أحرز فيها فيورنتينا هدف التعادل. لكن الوضع يختلف تماما بالنسبة لمباريات دوري الأبطال التي يدخلها الفريق وهو يشعر ببعض الخوف لأنه لا يعرف الفرق التي يواجهها في البطولة بشكل جيد، ولأن مستوى فرقها يزيد من دون شك عن مستوى بعض الفرق الإيطالية. وهكذا لا يبدي اليوفي في بداية المباريات الأوروبية الشراسة الهجومية نفسها التي يتميز بها في الدوري الإيطالي، ونادرا ما ينجح في السيطرة على أحداث المباراة. ورغم أن اليوفي لعب مباراتين أمام تشيلسي حامل اللقب في لندن وأمام شاختار دونيتسك الذي يؤدي بشكل قوي ويتميز بالتواصل بين خطوطه، وهو ما يمنحه فرصة إحراج فريق مثل اليوفي لأنه يحرمه من إبراز قدرات لاعبيه الفردية مثل بيرلو وماركيزيو، فإن غياب تدخل المدرب المباشر في هذين اللقاءين بدا واضحا بصورة لا تخطئها العين.

وعندما تزداد الصعوبات التي يواجهها اليوفي داخل الملعب يحتاج الفريق إلى مدربه. ويقر اللاعبون أنفسهم بأن كونتي ينجح في قيادة لاعبيه عن بعد حتى وهو موجود في المدرجات، لأن نظرة واحدة أو نصيحة تصل للفريق عبر أجهزة التليفون المحمول قد تكفي لتغيير الواقع داخل الملعب، لكن الانطباع الذي ظهر في الشوط الأول أمام شاختار دونتيسك هو أن كونتي كان يستطيع تغيير أداء فريقه السيئ لو أنه كان قريبا منه ويجلس على مقعد المدرب. ويجيد كونتي أيضا ابتكار التغييرات في طريقة اللعب أثناء المباريات، وهو ما حدث في الموسم الماضي وكفل للفريق الفوز في مباراة الميلان والإنتر الصعبتين. ورغم أن كونتي من المدربين أصحاب الشخصية القوية الذين يمتلكون سلطة الحفاظ على أفكارهم وطريقة لعبهم في جميع الظروف، فقد يلجأ بعض اللاعبين لمحاولة لعب دور القائد داخل الملعب في ظل عدم وجود المدرب على مقعد التدريب. ولا شك أن أهمية وجود كونتي بالقرب من فريقه أثناء المباريات تتمثل أيضا في هذا. فهو ليس مدربا كفئا فحسب، بل هو أيضا قائد يستطيع الإمساك بزمام فريقه وتوجيهه بشكل رائع في جميع المباريات.