خطاب الفوز الهزيل؟!

مساعد العصيمي

TT

كان خطابا مؤلما ذلك الذي يتناقله مسؤولو المنتخبات السعودية.. وفحواه بحثهم عن الفوز وبأي ثمن على الكونغو لأجل التصنيف الدولي.

لم أسمع أحدا منهم يتحدث عن المخرجات والتطوير والعمل اللائق الذي يستحق أن يكون مرادفا ومعينا لكرة السعودية.. لم أسمع أحدهم يتحدث عن أزمة كروية نعيشها.. بل كل ما يخطر ببالهم هي القشور وهي الزبد أما ما ينفع الكرة ويطورها فيذهب هباء، وإن كان ثمة حديث عن الناشئين والفئات الأقل.. ولعل في ذلك بعض سعة نتمناها وإن لم نر حتى الآن مطرا يهطل منها؟!

أكرر القول لعلهم يسمعون إن أزمة كرة السعودية تنظيمية إدارية، وليست عناصرية فنية.. فلا أخال أن في الخليج من يضاهي لاعبينا.. لكن هناك إداريين ممن هم أقدر على التخطيط والرؤية السليمة.. هناك من تسنموا مناصبهم لأنهم استطاعوا أن يكونوا خلاقين قادرين على تقديم العون.. أما لدينا فلا بأس أن يتسنم الأمر ممن لم يعرف من التجربة إلا اسمها.. ولهذا وليست كرة القدم.. بات أمرنا متراجعا حتى إننا بتنا نستجدي الفوز على المتأخرين أفريقيا لعل وعسى ننعتق من ألم ما بعد المائة؟!

كرتنا امتداد لرياضتنا تئن وتئن من سوء التخطيط.. ويكفي إثباتا على ذلك أننا كنا لا نقيم وزنا للمواجهات الدولية الكبيرة، بل نرفضها من فرط كبرياء لم نعرف أهدافه حتى الآن؟!.. والآن ألغينا كل شيء وباتت همنا الوحيد، وهي مصداقية للمثل المحلي الذي يتحدث عن ناقة عريمان «إن قامت ثارت وإن بركت ما قامت».. لا نجيد التخطيط، فإن اندفعنا فلا يردنا إلا الخسائر الثقيلة، وإن هجدنا فلا أحد قادر على إيقاظنا.. ماذا نعمل؟ أقول اسألوا الخبراء الجدد، لعل لديهم قدرة على التطوير.. نحسب ذلك.. لكن ماذا عملوا من إنجاز ورؤية قبل ذلك ليتسنى لهم فعل ذلك في مناصبهم الجديدة!

أعود إلى الترتيب الذي ننشد الخروج من ضيقه.. ويبدو أننا ما برحنا نصنع أزماتنا بأيدينا ولا أخال فرحة لاعبينا وجماهيرنا وقبلهم الإداريين إلا تعبيرا عن الاختناق الذي وضعه مسيرو الكرة على صدورهم.. وكأنهم أول من أمس قد عادوا إلى الصدارة الآسيوية.. أو كأنهم أرادوا أن يداروا الإخفاق والتراجع الذي تعيشه كرتهم.. ويا قلب لا تحزن على كرة كانت شامخة إلى وقت قريب أما بعد إجراء القرعة الآسيوية الأخيرة، فكان ابتهاجا من قبل الصينيين والعراقيين، لأن القرعة وضعتهم مع كرة السعودية التي باتت تبحث عن موقع في ترتيب ما قبل المائة ولو على حساب الأفارقة المتأخرين.

لا أظن أن حالة الوعود والإلهاء التي تمارسها كرة السعودية هي نتاج لعمل خلاق وتخطيط متقن ما نعمله (لأننا من أبناء الدار) إنها في المجمل وليدة تخطيط منفعل يبحث عن الخروج من أزمة الترتيب المتأخر. فلا تغضبوا منا، فحتى في الفوز الركيك كما هو الأخير، لا يمكن أن نجزم بوجود تخطيط ولا تكتيك ولا استراتيجية، كما لدى المتقدمين كرويا في الشرق الآسيوي، بل هي الفوضى والاندفاع والبحث بأي وسيلة الخروج من المأزق وبأي ثمن، كان هذا السيناريو الذي عبر عنه الفرح (الذي لم أكن لألوم اللاعبين والجماهير على فعله لأنهم أكثر من عانى) مؤلما بقدر ما هو معبر عن جملة مفيدة فحواها: كان هنا كرة قدم حقيقية اختفت باختفاء مانحيها الرؤية والتفوق)؟!

[email protected]