لماذا فشل داود؟

محمود تراوري

TT

في يونيو (حزيران) الماضي غداة انشغال الوحداويين باحتفالات وأفراح الصعود لدوري زين، بعد موسم من «التغريب» في دوري الدرجة الأولى، كان العقلاء ينتقدون تلك الاحتفالات ولم يترددوا في وصفها بالمزيفة والمصطنعة، واصلين إلى أن الوحدة منذ سنوات وإداراته المتعاقبة لا تقدم إلا أسوأ نموذج في إدارة فريق كرة القدم بخلافاتها وادعاءاتها وطريقة ممارستها للعمل ونشر غسيل الخلافات المضحكة على سطح الإعلام، وأصبحت احتفالاته وأيامه التاريخية تنحصر فقط في صعود الفريق لدوري المحترفين، بينما تحتفل الأندية الأخرى بالبطولات والإنجازات محليا وإقليميا وقاريا. أي أنه لم يكن هناك أي مبرر لتلك الاحتفالات، وكان طبيعيا أن ترتفع أصوات تنادي «على الوحداويين أن يخجلوا قليلا من هذه النشوة بالفرح المزيف، وأن يعملوا بجد وهدوء وعقل». وهو ما لم يتحقق، فأحيانا كثيرة تسلبنا الاندفاعات العاطفية الرؤية، وتضللنا عن معرفة أول النبع، أو الدرب. هنا في هذه المساحة قلت يومها «إن كان جل المراقبين يكادون يجمعون على أن المخضرم النجم الإعلامي السابق وأحد أهم المعلقين الكرويين في تاريخ الرياضة العربية، علي داود، نجح إلى حد بعيد في تجنيب فريق كرة القدم تداعيات وتأثيرات الهبوط، رغم أنه كان، وهو يؤدي مهمته الصعبة، كمن يخوض في حقل ألغام، لكنه اجتازه إلى الجهة الأخرى بسلام، ولا يتردد المراقبون في القول بنجاة داود، لكن كثيرا من الألغام ما زالت تملأ الحقل الوحداوي». اليوم والفريق يسجل أسوأ نتائج عرفها الوحدة في تاريخه الطويل، متذيلا ترتيب أندية زين، وبنقطة وحيدة، لم يعد ثم مجال للحديث عن أمل، أو حتى استعادة الأدوار التي كان عليها الفريق على مدى الثلاثة عقود الأخيرة وهي المنافسة على البقاء، فطريق العودة إلى الدرجة الأولى بات مفروشا بالوجع والحسرات، إلا إذا حدثت معجزة كونية، في زمن بات يندر فيه حدوث المعجزات. وسجل علي داود إخفاقا بليغا سيظل نقطة معتمة في ملف مسيرته الحافلة بالإبداع والنجاحات، وإن كان هذا الإخفاق هو بمثابة تأكيد على أن الإدارة علم وفن قائم بذاته، وليس بالضرورة أن يبدع فيه من أبدع في مسارات ومجالات أخرى.

كثيرون يتعاطفون مع داود، مثلما يلومه كثيرون من الوحداويين، الذين يحملونه وحده جريرة الفشل وتسجيل ما يعتبرونه إساءة بالغة المرارة لعراقة وتاريخ النادي وهو يظهر بهذا الشكل المزري في موسم هذا العام، لكن الغالبية لا تطرح السؤال بشكل مباشر «ماذا كان بوسع علي داود أن يفعل، والوحداويون لم يكونوا يوما – ومنذ سنوات طويلة – على قلب رجل واحد، ينبذون النرجسية، والادعاءات والجعجعة، ليداروا سوءة فريقهم ؟».