«فيفا» أم نظام العمل؟

مسلي آل معمر

TT

لا يزال الخلط قائما في الوسط الرياضي بين مرجعية فيفا ومرجعية الجهات الحكومية في بعض القضايا والخلافات، حيث أصبحت عبارة «فيفا يمنع التدخل الحكومي في الاتحادات المحلية» جاهزة ومعلبة لدى من لا يعرف ماذا تعني هذه العبارة. لوائح وقوانين «فيفا» تحكم كل شيء في كرة القدم، إلا إذا كانت القضية جنائية أو مرورية أو مدنية، فليس من الممكن أن يقطع اللاعب أو المدرب إشارة المرور وعندما تطبق بحقه العقوبة نقول إن «فيفا» يمنع التدخل الحكومي، كما لا يمكن أن يزور الرياضي في مستندات رسمية ونقول إن «فيفا» يمنع التدخل، أيضا لا يمكن لأحد أن يخالف نظام الإقامة ويطلب إحالة القضية إلى «فيفا»، لأن لكل دولة قوانينها وسيادتها. في بعض القضايا قد تحيل المحاكم الرياضية المتهمين إلى جهات حكومية كالشرطة للتحقيق في وقائع معينة، كما حدث في إيطاليا وتركيا بخصوص تهم بيع المباريات، لأنه لا يمكن رصد المكالمات والتحركات إلا عن طريق جهات أمنية، لكن العقوبات الرياضية تبقى من اختصاص المحاكم الرياضية، وذلك بناء على ما تقدمه الجهات الأمنية من أدلة واعترافات.

أما على المستوى المحلي فلا تزال قضية المدرب المقدوني جوكيكا معلقة بين نجران والتعاون واتحاد القدم والجوازات، حيث فقد جميع الأطراف السيطرة على كابينة القيادة، ورغم أن المادة السابعة من الباب الأول في نظام العمل تقول «يستثنى من تطبيق أحكام هذا النظام لاعبو الأندية ومدربوها»، فإن الأمر لا يزال معقدا لدى غالبية الأطراف. كان من المفترض على وزارة العمل أن تحيل القضية إلى الاتحاد السعودي لكرة القدم، ليخاطب الجوازات من أجل نقل كفالة المدرب، وذلك لوجود نص يمنع وزارة العمل من التدخل، لكن يبدو أن السلبية كانت حاضرة من الأطراف جميعها، ولا يرون إلا الحل على طريقة «تصالحوا وحصل خير». ولا شك أن المدرب ونادي التعاون قد ارتكبا خطأ مشتركا، عندما دخل المدرب للأراضي السعودية بتأشيرة صادرة لمصلحة نادي نجران، لكن من غير المنطقي ألا يستطيع المقيم أن يغادر البلاد وهو غير مطالب بحقوق مثبتة تجاه أحد، ولا توجد تجاهه قضية منظورة في جهة ما. وبهذا يكون نظام العمل لدينا قد سجل حالة معاكسة لجميع بلدان العالم، ففي ما يتعلق بنظام الإقامة كان ينبغي أن يخضع الجميع لنظام الإقامة في المملكة العربية السعودية، أما في ما يتعلق بحقوق العامل (أي المدرب أو اللاعب) وأجوره وما يتعلق بعقود العمل فينبغي أن تكون من اختصاصات الاتحادات الرياضية. لكن يبدو أن القانونيين في بعض الوزارات الحكومية يسمعون بتدخل الاتحاد الدولي فقرروا أن يتنازلوا عن جزء من مسؤولياتهم وصلاحياتهم لصالح الحاكم بأمره «فيفا».